"ارتفاع كبير للمحروقات في تشرين الثَّاني".. 14 يومًا من التَّضليل والتَّشويش

"ارتفاع كبير للمحروقات في تشرين الثَّاني".. 14 يومًا من التَّضليل والتَّشويش

  • 2021-02-11
  • 12

أكيد-تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، تعامل وسائل إعلام محلية مع التَّوقعات التي تمَّ تداولها حول ارتفاع أسعار المحروقات لشهر تشرين الثَّاني الجاري، والتي أثيرت خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر تشرين أول الماضي، واقتران هذه التَّوقعات بالارتفاع العالمي لأسعار المشتقات النِّفطية.

وتبين ل"اكيد" أنَّ إثارة القضية بدأت منتصف شهر تشرين أول مع إعلان الباحث الاقتصادي والخبير في شؤون النِّفط والطَّاقة عامر الشوبكي توقعاته بارتفاع غير مسبوق على أسعار المحروقات في الأردن، حيث قال إنَّ هناك مؤشرات قوية تدل على ارتفاع أسعار المشتقات النفطية محلياً بنسبة تتراوح بين 5-12 بالمئة، وسيشمل هذا الارتفاع السولار والبنزين بنوعيه.
ونشرت مختلف وسائل الإعلام المحلي توقعات الخبير، وفق ما أوردها دون تحقيق التَّوازن والحصول على ردٍّ رسمي، مرتكبة مخالفة مهنية جسيمة بعدم العودة لمصدر
يوضح واقع التوقعات، ورأي الجهات المعنية في ذلك أو حتى الحصول على رأي خبراء آخرين تدعم او تنفي تصريحات الخبير الشوبكي، حيث قامت بنشر التوقعات مباشرة ضمن أخبار أو تقارير تفتقر للتوازن المبني على تضمين آراء جميع الأطراف المعنية في القضية.

وخلطت  بعض الوسائل بين توقعات الخبير وتصريحات الحكومة، معتبرة أنَّ التَّوقعات كانت بمثابة تهديد حكومي وتوعد للمواطنين، والبعض برّر ذلك بالتزام الحكومة الصَّمت إزاء المواد الإعلامية، التي انتشرت في معظم الوسائل والتي تتناول هذا الارتفاع، ما اعتبره البعض نوع من الموافقة والتأييد.

وحملت بعض التَّقارير الصَّحفية نوع من التَّهويل والمبالغة والتَّشويش في النِّسب والأرقام للزيادة المتوقعة، والتي بنتها على توقعات وتصريحات بعض الخبراء، دون العودة لمصدر رئيس في القضية، وسارعت لنشر هذه التوقعات التي تؤدي في مثل هذه الحالات إلى الذعر والترقّب والقلق لدى المواطن وبشكل مسبق قبل الرَّفع الفعلي وقد تمتنع بعض محطات بيع هذه المشتقات عن البيع للمتلقين انتظارا لرفعها والاستفادة من المخزون الذي تمَّ شراؤه على التعرفة التي سبقت الرَّفع.

وجاءت قيمة الرَّفع بقيمة 10 فلسات للبنزين بنوعيه، ليصبح ليتر البنزين أوكتان 90 بقيمة 835 فلساً، وليتر بنزين أوكتان 95 بقيمة 1070 فلساً،  مع تثبيت سعر الكاز والسولارعند 615 فلسا لكلِّ منهما، والإبقاء على سعر إسطوانة الغاز عند سعر 7 دنانير، وذلك بعد أن عقدت لجنة تسعير المشتقات النفطية في وزارة الطاقة والثروة المعدنية اجتماعها الشَّهري المحدَّد.
ورصد "أكيد" تغطيات إخبارية على وسائل إعلام محلية تحمل مضمون
الوقوف مع المواطن في مطالبه، والتحذير من الارتفاع المبالغ به، ونقلت وجهة نظر المواطن العادي، وسائقي مركبات النَّقل العام، وتغطية رأي  لجنة الطاقة النيابية التي طالبت الحكومة بتحمل تبعات رفع أسعار المحروقات عالميا عبر تخفيض الضَّرائب المفروضة على المشتقات النفطية، إلا أن هذه التَّغطيات رافقها مخالفة المعايير المهنية التي تحكم عمل وسائل الإعلام من حيث التَّوازن والدِّقة والحياد وأدَّت هذه المخالفات إلى التَّهويل والمبالغة والتَّشويش على جمهور المتلقين وحق المجتمع بالمعرفة والدّقة.

وافتقرت بعض المواد المنشورة للدِّقة في المعلومة، واستخدام عناوين غير دقيقة قد يفهمها المواطن العادي على أوجه مختلفة، ومثال ذلك استخدام عنوان: توقع ارتفاع الأسعار بقيمة دينار- دينار وأربعين قرشاً للمحروقات، دون توضيح أنَّ القيمة المتوقعة تخص "التنكة" والتي تساوي 20 ليترا، الامر الذي قد يفهمه المتلقي على أنَّه السِّعر المتوقع لليتر البنزين بحيث يقفز إلى ما فوق الدينار.

ورصد "أكيد" منصَّات النَّشر العلنية خاصة موقعي التَّواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"، حيث كانت بيئة خصبة نقل جمهور المتلقين من خلالها مخاوفهم تجاه التَّوقعات، ورفضه لأيِّ رفع جديد، إلا أنَّ الكم الكبير من التعليقات والتفاعل مع الموضوع كان مليئًا بخطاب الكراهية، ونشر بعض الشَّائعات والمبالغات حول القضية كادِّعاء صدور تصريح عن أحد المسؤولين يفيد بأنَّ رفع أسعار المشتقات سيكون سببًا في تخفيف أزمة السَّير، كما لم تتقبل حسابات الناشطين على وسائل التواصل خبر مخالفة عدد من المحطات الممتنعة عن البيع حرصًا على مصلحة المواطن، متهمين الحكومة بعدم حرصها ابتداء على مصلحته.

ونقل الإعلام
التسعيرة الجديدة التي جاءت أقل بكثير من الأرقام المتوقعة، كما نقل مجدداً رأي الخبراء والذي أشار إلى تخفيض غير معلن على الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية، إلا أنَّ ردود فعل المواطنين على وسائل التواصل لم تخرج عن الرفض للرَّفع الجديد، الذي يُبقي أسعار المحروقات محليًا أعلى من أسعار المحروقات عالمياً حتى ولو كان الرَّفع أقل من المتوقع، وقد أبدى المواطنون والناشطون على مواقع التواصل الشكَّ باستمرارية التَّخفيض الضَّريبي غير المعلن، وشكوك وتوقعات برفع جديد في الأشهر القادمة، واعتبار أنَّ ما حصل لم يخرج عن كونه سيناريو لامتصاص الصَّدمة الأولى وسيلة رفع أسعار أكبر، وسارع عدد من الناشطين إلى تفعيل وسوم (هاشتاغات) تتعلق بالامتناع عن شراء المحروقات كاعتراض على رفع الأسعار.