حضور المتابعة وغياب التوازن ...في تغطية قضية المعلمة ربى

حضور المتابعة وغياب التوازن ...في تغطية قضية المعلمة ربى

  • 2022-06-27
  • 12

عمَّان  27حزيران (أكيد)- سوسن أبو السُندس- نالت قضية المعلمة ربى تفاعلًا واسعًا على منصّات التواصل الاجتماعي منذ يوم 11 حزيران، حيث دشّنت الحملة المدافعة عن حقوق المعلمين العاملين في القطاع الخاص "قم للمعلم" عاصفة إلكترونية للمطالبة بإرجاع حق المعلمة ربى تحت وسم  #كلنا_ربى والتي فقدت حياتها وجنينها وهي على رأس عملها، وتصدّر الوسم على منصة "تويتر"، وما لبثت القضية أن نالت اهتمام المتابعين والرأي العام، وتحولت فيما بعد إلى تغطيات شاملة ومعمقة على وسائل الإعلام المختلفة.

تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تفاعل وسائل الإعلام لقضية المعلمة ربى من خلال رصد عينة عشوائية عبر استخدام خاصية البحث المتقدم على موقع جوجل باستخدام الكلمات المفتاحية التالية: المعلمة ربى، قصة المعلمة ربى، كلنا ربى، وتصريحات حول المعلمة ربى، وذلك بهدف شمول أكبر عينة ممكنة في الرصد من تاريخ 11 إلى 20 حزيران، وقد وفّر الرصد عيّنة اشتملت على 50 مادة لوسائل إعلامية متعددة، منها ثلاث صحف يومية، ومحطة تلفزيونية، و44 موقعًا إخباريًا.

ورصد (أكيد) التسلسل الزمني للتغطيات الإعلامية، حيث بدأت التغطية بعدما نشرت حملة "قم للمعلم" فيديو ينقل وجه نظر زوج المعلمة ربى، وعلى إثر ذلك قامت وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الانتهاكات العمالية بحق المعلمين العاملين في القطاع الخاص، ومقابلة العديد من المعنيين في هذا المجال، والذهاب باتجاه إثبات تلك الانتهاكات دون فتح المجال للطرف الآخر، وهو في هذه الحالة المدرسة التي كانت تعمل بها المعلمة، وقد استمر هذا النهج في التغطية إلى أن تمت مقابلة مدير المدرسة المعنية على إحدى القنوات التلفزيونية، والذي قام بدوره بتقديم الأدلة التي تعزز موقفه، تلا ذلك قيام وسائل الإعلام بمتابعة الحدث من زاوية أخرى وعنونت بـ تفاصيل جديدة حول القضية، تنقل فيها وجهة النظرالمقابلة. 

وجاء بنتيجة رصد (أكيد)، حضور عنصر المتابعة وغياب عنصر التوازن في الطرح لـ 84% من المواد الإعلامية المتعلقة بالقضية، والتي ركزت على الأمور التي تهُم جمهور المتلقين، وهو إثبات الانتهاكات، إلا أنّ الأصل هو الالتزام بالمهنيّة الصحفيّة والحياد، وبما يتوافق مع بنود ميثاق الشرف الصحفيّ  في المادة الثالثة التي تُلزم الصحفيين بعدم التحيز لجانب على آخر أو قضية على أخرى من القضايا التي لم يصدر فيها حكم قضائي، ويتمثل التوازن بنقل جميع المعلومات وآراء المصادر بتكافؤ، ودون إصدار أحكام أو تقييم مُسبَق.

المخالفات المهنية والأخلاقية في التغطية:

تبين من خلال الرصد لـ (أكيد) أن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي  قادت وسائل الإعلام لعدة انتهاكات أخلاقية بهدف إثبات الضرر الحاصل على المعلمة ربى، أهمها انتهاك لخصوصية المعلمة المتوفاه، وعدم احترام حقها في حفظ المراسلات الخاصة بينها وبين إدارة المدرسة، وقد انتقلت هذه الانتهاكات إلى وسائل الإعلام حين قامت بعرض تلك المراسلات أمام الجمهور.

كما رصد (أكيد) انتهاكًا أخلاقيًا آخر حين قامت شاشة قناة تلفزيونية، من خلال أحد الأطراف، بعرض وثيقة تتضمن الأسماء الرُباعية لجميع المعلمات العاملات في المدرسة متضمنًا البدلات المالية الخاصة بالمعلمات، وفي ذلك مخالفة صريحة للمادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي الذي يُلزم الصحفيين باحترام سرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وفي هذا الاطار يجب عدم نشر المراسالات الخاصة أو الأمور المتعلقة بالنواحي الماديّة.

وفي سياق آخر رصد (أكيد)  ثلاثة تقارير صحفيَة، وضعت صورة مفتاحية كاريكاتيرية للرّسام ناصر الجعفري برسم يحاكي الحادثة. وتواصل (أكيد) مع الجعفري، وتبين أنّ العمل قُدم لصالح موقع "هنا صوتك"، وقد قام موقع إخباري واحد فقط بالتواصل مع الناشر لأخذ الأذن المسبق بإعادة النشر. وفيما يخص المواقع الإخبارية الأخرى، فقد تم النشر بدون الموافقة على إعادة النشر، الأمر الذي يعتبر مخالفة للمادة السادسة من ميثاق الشرف الصحفي التي تُلزم الصحفيين باحترام الحقوق الأدبية للنشر والمُلكية الفكرية والاعتراف بحقوق الآخرين وعدم اقتباس أي عمل من أعمال الغير أو زملاء المهنة دون الاشارة الى مصدره، وأخذ الأذن الخطي أو الضمني من مالك العمل قبل نشره.

ويشير (أكيد) إلى مُخالفات مهنية أخرى،  حيث تم رصد تقريرين إخباريين، يتضمنان صورة لمعلمة داخل غرفة صفية، ولم تُشرالوسيلة إلى تاريخ الصورة أو صِفَتها أو مصدرها، سواء أكانت أرشيفيّة أم تعبيريّة أم مرتبطة بالحدث، وقد يظن القارىء أن الصورة تعود للمعلمة ربى.

تحقق (أكيد) من الصورة عن طريق خاصية البحث العكسي باستخدام أدوات "Google" ليجد أن الصورة أرشيفيّة، ومستخدمة عدة مرات من قبل عدة وسائل إعلامية.

ماذا غاب عن التغطية:

يشير (أكيد) إلى أن التغطية الصحفيّة أغفلت البعد القانوني، فقد ذهبت التغطيات باتجاه رصد الانتهاكات الحاصلة بحق المعلمين العاملين في القطاع الخاص، وتم تغطية الانتهاكات بشكل معمق وبالأدلة، إلا أنه لم يرصد تقارير توعوية تحث على تقديم شكوى للجهات المعنية، مثل وزارة العمل، والتي بدورها تقوم بمراقبة المدارس وتحرير مخالفات حال رصد أي تجاوز وإحالة القضايا إلى المحاكم المختصة.

كما يبين (أكيد) أنه رغم التطرق للانتهاكات القانونية بشكل مسهب إلا أنه غاب عن وسائل الإعلام  ذكر مدى أهمية وجود كادر تمريضي في  المدارس للتعامل مع الحالات الطارئة المشابهة، الأمر الذي يتطلب التحقق.

ويشير (أكيد) إلى أنّ مهنة الإعلام والصحافة تتطلب نقل جميع  التفاصيل إلى جمهور المتلقين، إضافة إلى تجنب إغفال أي موضوع، إلا أنّ وسائل الإعلام  شغلت نفسها بإصدار الأحكام على حساب التغطية الدقيقة والمتوازنة.

ويرى (أكيد) أن التركيز على توفير الرعاية الارشادية والصّحية والوقائية الملائمة في المؤسسات التعليمية، يرفع من مستوى الرعاية في المدارس.

ويوصي (أكيد) بضرورة إلتزام وسائل الإعلام المحلية على اختلاف أنواعها بالمعايير المهنيّة والقانونيّة عند القيام بمثل هذه التغطيات والتي من بينها، التوازن، والحياد، والموضوعيّة، والابتعاد عن نقل وجهة نظر واحدة في القضايا التي تشترك بها عدَّة جهات، علاوة على الالتزام بالاطار القانوني في حماية الخصوصية بما لا يتناقض مع حق المجتمع بالمعرفة.