الإعلام يُخفق في إدارة الخلاف الدائر حول مشروع قانون حقوق الطِّفل

الإعلام يُخفق في إدارة الخلاف الدائر حول مشروع قانون حقوق الطِّفل

  • 2022-08-14
  • 12

عمّان 14 آب (أكيد) تقرير: سَوسن أبو السُّندس. كاريكاتير: ناصر الجعفري.

 شهدت السَّاحة الإعلامية مؤخرًا نماذج تغطية انطوت على خلاف عميق فيما يتعلق بمشروع قانون حقوق الطِّفل، ولم تتوان بعض من وسائل الإعلام عن إطلاق التُهم والأحكام جُزافًا ضدَّ الرأي الآخر، وبسبب ذلك توفرت بيئةً خصبةً للتحريض على انتشار خطاب الكراهية، ما أدى إلى مزيدٍ من التضليل وإثارة الرَّأي العام.

جاء ذلك انعكاسًا للنقاشات الحادة في أولى جلسات مجلس النواب في دورته الاستثنائية حول مشروع قانون حقوق الطفل، لدى القراءة الأولى لمشروع القانون في الجلسة التي عُقدت يوم الأربعاء الموافق 20 تموز الماضي، إذ ألقت مناقشات النواب بظلالها على الشارع الأردني، وامتدت إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وبدا الجدال على أشده عبر وسم #قانون_حقوق_الطفل، فيما أحال مجلس النواب مشروع القانون إلى لجنة مشتركة من اللجنة القانونية ولجنة المرأة وشؤون الأسرة.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية المرافقة لمشروع قانون الطفل، وصمم عيّنة اشتملت على محطتين تلفزيونيّتين، وثلاث صحف يومية، و24 موقعًا إلكترونيًا، في الفترة ما بين 20 تموز إلى الثامن من آب، وقد وفّرت العينة 80 مادة من وسائل الإعلام المرصودة. 

جاء في نتيجة الرصد  أنّ 35 بالمئة من التغطيات الإعلامية، أغفلت مبدأ الموضوعية، والتي تتطلب أن يقف الإعلام على مسافةٍ واحدةٍ من جميع الآراء وينقلها بدقة وتوازن، وقد حمّلت تلك التغطيات نفسها عبء الرد وانتقاد الرأي الآخر، ليس ذلك فحسب، بل قامت بعض التغطيات بشيطنة الرأي الآخر وتخوينه، الأمر الذي أثر سلبًا على البيئة العامة لمناقشة مشروع القانون. وقد كان حريّا أن يُقدم  الإعلام موادّ تركز على مناقشة  أحكام مشروع القانون، وتجيب عن بعض التساؤلات عند جمهور المتلقين، مع الإشارة إلى وجود استحقاق دستوري لقانون حقوق الطفل، وإلقاء الضوء على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها الأردن مع بعض التحفظات، ما يجعلها واجبة التنفيذ ضمن إطار زمني محدد، وحين تطرح تلك الحقائق  ضمن  دائرة الاختلاف في الآراء والاجتهادات، يتحرر المتلقي من التوجيه المسلط عليه من قبل صّناع الرأي العام.

ويشير (أكيد) إلى أن انشغال وسائل الإعلام بتراشق الاتّهامات وغيابها عن تقديم المعلومة المفيدة، جعل من وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا لتعميق الاستقطاب، فقد تم على سبيل المثال رصد عدة مقاطع من الفيديو مجهولة المصادر تتبنى وجهة نظر أُحادية، وتقدم معلومات ذات طابع نمطي يحكم بشكل مسبق على هذا القانون ويربط بينه وبين أجندات خارجية.

ويرى (أكيد) أن من واجب الإعلام أن يواجه الموضوعات التي تحولت إلى قضايا مثيرة للرأي العام بعدم إهمال الخطاب الرسمي، الذي يقوم بدوره بتفسير مبررات واستحقاقات القوانين الجديدة، وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة تحفّظها على ثلاثٍ من مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تتعلق بغيير الدين والتبني، وهنا يأتي دور الإعلام في توضيح تلك التحفظات ومبرراتها، إلا أنه لم يُرصد أيّ تقارير تسلط الضوء على ذلك، واكتفت وسائل الإعلام بالسرد الخبري الناقل لتصريحات الحكومة.

وفي سياق آخر رصد (أكيد) حضورًا بارزًا للنشاط الحزبي في التعاطي مع هذه القضية، حيث رُصدت عدة تقارير توضح رأي الأحزاب السياسية بحسب أجندتها في مشروع القانون، الأمر الذي يعدّ مؤشرًا إيجابيا للتعاطي مع القضايا العامة وخلق بيئة تنافسية حزبية  للأفضل لما لذلك من فائدة في التقريب بين وجهات النظر، دون تخوين أوتهويل، وهو الأمر الذي يساعد في توضيح الأمور بالحجة والبرهان، وليس من خلال نشر المخاوف والتهويل.

كما دفعت هذه القضية وسائل الإعلام الأجنبية إلى تغطية الحدث، حيث رُصد عشرة تقارير تُشير إلى نقاط الخلاف، وعنونت بـ مشروع قانون حقوق الطفل في الأردن: هل يتيح "حق اختيار الدين" له؟ وعنونت أخرى بـ "قانون الطفل" يثير الجدل والاعتراض في الأردن.

وينوه (أكيد) إلى أنّ التعددية الفكرية تُعدُّ مؤشرًا إيجابيًا، لكن لا ينبغي أن يتحول الخلاف الفكري إلى خطاب كراهية،  كما لا ينبغي أن تكون وسائل الإعلام بيئة حاضنة لذلك أو تسمح بمروره عبر منصَّاتها الرَّقمية.