أكيد-مجدي القسوس-عَرَضَ برنامجٌ تلفزيونيّ شبابيّ عبر وسيلة إعلامٍ مرئيّة، تقريرًا بعنوان: "شوفوا طريقة اللبنانيين والأردنيين في المغازلة!"، تضمّن لقاءاتٍ مع عدد من الأشخاص في الشَّارع، وسؤالهم حول "طريقتك في تلطيش البنات في الشارع"، باعتبار التقرير من نوع "المقابلات الشعبية"، أو "رجل الشارع" والمعروفة إعلاميَّا بمسمّى "vox pop".
وبنى المراسل تقريره، الذي تم تصويره بين الأردن ولبنان، على سؤالٍ واحدٍ قدّمه باللهجتين، الأولى أردنية وجاء على نحو: "كيف الشب الأردني (بطقّس)؟"، والثانية لبنانية على نحو: "كيف الشب اللبناني (بلطّش)؟"، إذ تضمّنت إجابات عدد من الشباب ألفاظًا غير أخلاقيّة قابلها المراسل بالضحك، والتعليق عليها بمصطلحات مختلفة منها: "واو" ، "creative"، أو "التصفير" وغيرها.
ويشير مرصد مصداقيّة الإعلام الأردني "أكيد" إلى أنَّ عرض التقرير بالصورة التي جاء عليها أوقع المحتوى ووسيلة الإعلام في فخ مخالفة المبادئ الأخلاقيّة التي يعتمد عليها نجاح وسائل الإعلام في تحقيق وظائفها كافة، وتمثّل ذلك باستخدام لغة ومحتوى غير لائق، والترويج لسلوك سلبي قد يمثّل دعوة إلى العنف ضد الفتيات، بالإضافة إلى غياب القيمة الخبريّة.
تقول المحاضِرة في التربية الإعلاميّة والمعلوماتية في جامعة آل البيت الدكتورة ريم الزعبي لـ"أكيد"، إنَّ التقرير يحمل تشجيعًا مبطنًا على التحرش اللفظي وهو سلوك مرفوض في كل المجتمعات والأعراف والأديان، وأنَّ هذا المحتوى قد يعزّز من الصورة النمطيّة للمرأة، بما فيها طريقة معاملة الرجل للأنثى وترسيخ "النظرة الدونية" لها، مضيفةً أنَّ التقرير "محتواه مستفزّ جدًا"، وجاء بأسلوب فكاهيّ لـ"دسّ السُّم بالعسل"، ولم يكن هناك أي داعٍ لعرضه من الأصل أو ظهوره عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وتقول أمين عام اللجنة الوطنية الأردنيّة لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس: إن كان الهدف من التقرير هو الإضحاك، فإنَّ أخطر ما قد يقدّمه الإعلام هو استخدام "الكوميديا" لتبرير و"تطبيع" فكرة "المعاكسة" وكأنها ثقافة مقبولة مجتمعيًّا، وبخاصّة في اللحظة التي قال فيها المراسل أنَّنا "سننقل ثقافة المعاكسة"، مشارِكةُ الزعبي رأيها حول لفظ "المعاكسة" وتسمية الأمور بمسمّياتها بما يقود إلى "تحرّشٍ لفظيّ"، مشيرةً إلى حملة عالميّة نفّذتها فتاتان ودعمتها مؤسسة عالميّة بعنوان "تحرّش وليس مجاملة" وكانت ضد التحرّش الموجّه للنساء والفتيات في الشوارع.
وبعد عرض التقرير ضمن البرنامج التلفزيوني، علّق مذيعا البرنامج بالقول بأن السلوك الذي كان موضوعًا للتقرير يعد سلوكًا سلبيًا وقد يكون "أقرب للتحرش"، وهذه ممارسة مهنيّة من المذيعَيْن، إلا أنَّ "أكيد" يشير إلى أنّه طالما توافرت المعرفة الكافية بتأثير التقرير على الجمهور، باعتبار أنَّه لا يحمل سوى الترويج لسلوك غير أخلاقي، ولم يقدم رسالة توعويّة حوله، فكان من الأجدر بوسيلة الإعلام عدم السماح بمرور التقرير، أو إعادة نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما لجأت إليه الوسيلة على الحساب الرسمي للبرنامج بعد عرض الحلقة، وهو سلوك مرفوض باعتبار "التواصل الاجتماعي" مِنصَّات نشرٍ علنيّة تضمّ فئات من مختلف الأعمار.
وحول الأصل في التعامل مع هذه المواضيع في الإعلام، فإن "أكيد" يشير إلى ضرورة أخذ الوقت الكافي في إعداد الفقرات التلفزيونيّة، لضمان عرض الموضوع من كافة جوانبه، ومعالجته بأسلوبٍ يؤكد أثره السلبي على المجتمع، وليس فقط طرح الموضوع لجذب المشاهدات ورفع نسب المتابعة، التزامًا بالمعايير المهنيّة التي تحكم عمل وسائل الإعلام، بما يهدف إلى احترام المبادئ الأخلاقية، والكرامة الإنسانيّة، والابتعاد عن نشر المحتوى الجنسيّ أو الإباحيّة الضارّة، أو الإساءة والتحريض.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني