"عمالة الأطفال" .. تغطية إعلامية موسمية ومحدودة العمق

"عمالة الأطفال" .. تغطية إعلامية موسمية ومحدودة العمق

  • 2025-06-16
  • 12

عمّان 15 حزيران (أكيد)- عُلا القارصلي- عمالة الأطفال هي إحدى الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تنتهك حقوق الأطفال في التعليم، والصحة، والحماية من الاستغلال. ويحتفي العالم في 12 حزيران من كل عام باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال. وركّزت حملة هذا العام على الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد اتّفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، وذكّرت الجهات المعنية بتحسين تنفيذ الاتّفاقيتين الأساسيّتين بشأن عمل الأطفال، أي الاتّفاقية رقم (182) والاتّفاقية رقم (138) المتعلقة بالحد الأدنى لسن القبول في العمل. [1] [2] [3]

في عام 2015، أي قبل عشر سنوات، اجتمع زعماء العالم، واعتمدوا خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويعدّ البند السابع من الهدف الثامن بمثابة التزام دولي بالقضاء على عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025. وبحسب منظّمتي اليونيسيف والعمل الدولية في تقرير مشترك لهما تكون المدّة قد انتهت "لكنّ عمالة الأطفال لم تنتهِ". [4] [5]

 ولأن العالم لم يُحقّق الهدف في التّاريخ المحدّد، تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام الأردنية لقضية عمل الأطفال خلال عام كامل من 12 حزيران 2024 حتى 12 حزيران 2025، ورصد عيّنة قصدية من ثلاث وسائل إعلام متنوّعة اشتملت على قناة تلفزيونية، وصحيفة يومية، وموقع إلكتروني إخباري.

ولجمع العيّنة،  تمّ استخدام البحث المتقدّم في جوجل، عن طريق عبارتين مفتاحيّتن، هما: "عمالة الأطفال"، و"اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال" ووفّرت عملية البحث عيّنة من 25 مادة في وسائل الإعلام الثلاث المرصودة.

اتّسمت التّغطية بالتّنوع، حيث تضمّنت العينة 10 أخبار بنسبة 40 بالمئة، وتسعة تقارير توزعت بين تقارير تلفزيونية وأخرى مكتوبة بنسبة 36 بالمئة، وأربع مقابلات بنسبة 16 بالمئة، وحلقتين تلفزيونيّتين بنسبة 8.0 بالمئة، ولم يتمّ العثور على أي تحقيق.

هذه الأرقام تشي بأن وسائل الإعلام لا تولي اهتمامًا كبيرًا بقضية عمل الأطفال، ولم تقم بدورها المنوط بها في التّصدي لهذه الظّاهرة. كما أنّ، التّغطية اتّسمت غالبّا بكونها موسمية، ترتبط بالمناسبات التي تتعلّق بعمل الأطفال، كاليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، وركزت على الإحصاءات الرّسمية والعالمية، والتّصريحات الحكومية، وآراء منظمات حقوقية، ومقابلات مع خبراء ومختصين لمناقشة أسباب عمالة الأطفال وانعكاساتها. واشتملت العيّنة على تقرير واحد فقط نقلَ صوت أطفال أجبرتهم الحاجة على ترك مقاعد الدّراسة والعمل، وافتقرت التّغطية إلى المتابعة المستمرّة والتّحقيقات المعمّقة.

لاحظ (أكيد) أن التّغطيات الإعلامية كانت تشير إلى زيادة عمالة الأطفال، وناقشت أسباب هذه الزيادة، وظهر أن أسباب زيادة عمالة الأطفال في الأردن قد جاءت متوافقة مع الأسباب العالمية الرئيسة التي حدّدتها منظّمة العمل الدّولية، وفي مقدّمتها: الفقر، الافتقار إلى التّعليم الجيّد الشّامل، الصّدمات الاقتصادية ونقص الحماية الاجتماعية، الفجوات التّشريعية، وفي إنفاذ القانون والسّياسات، والتّهميش الذي يطال اللّاجئين، حيث أنّ نسبة 15 بالمئة من الأطفال العاملين في الأردن هم من اللّاجئين.[6]

تجاهلت التغطيات الإعلامية أن نسبة عمالة الأطفال في الدّول العربية هي 3.0 بالمئة، وهي أقل نسبة عالمية، حيث تصل نسبتهم في أوروبا وآسيا الوسطى إلى 4 بالمئة، وفي الأمريكيّتين 5 بالمئة، واحتّلت منطقة أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى المرتبة الأولى في تعداد عمالة الأطفال، حيث بلغ عددهم 72 مليون طفل، أي ما يقارب ثلثي الإجمالي العالمي الذي بلغ 138 مليون طفل.[7]

وبالمجمل، يشير (أكيد) إلى أن التغطية الإعلامية اتّسمت بأنّها موسمية وناقلة للخبر. كما يشير إلى أنّ تحوّل التغطية إلى أداة ضغط لتغيير الواقع الراهن لعمالة الأطفال إنما يتطلّب على الصعيد الإعلامي:

  1. إنتاج محتوى معمّق واستقصائي.
  2. تحليل القوانين لكشف الثّغرات فيها، وأسباب القصور في التّنفيذ.
  3. مواكبة التّغطيات بتقارير متابعة.
  4. إشراك الأطفال أنفسهم في السرد.
  5. ربط الظاهرة بأسبابها البنيوية الرئيسة في الحالة الأردنية.