الحرب الإسرائيلية الإيرانية .. وسائل الإعلام تواكب الحدث أمنيًا في ما تغيب التحليلات المعمّقة

الحرب الإسرائيلية الإيرانية .. وسائل الإعلام تواكب الحدث أمنيًا في ما تغيب التحليلات المعمّقة

  • 2025-06-18
  • 12

عمّان 17 حزيران (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- بالتزامن مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، تكرّر انطلاق صفارات الإنذار في المملكة، وتوالى صدور بيانات من القوات المسلّحة والأمن العام ومركز إدارة الأزمات، تطلب من المواطنين البقاء في منازلهم، بسبب وجود أجسام مشبوهة في الأجواء الأردنية. كما أعلنت هيئة تنظيم الطيران  عدة مرّات عن إغلاق المجال الجوّي بشكل مؤقّت كإجراء احترازي لحماية حركة الطيران وحفاظًا على السلامة العامة.

تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية الإعلامية المصاحبة لهذه الحالة الأمنية، فوجد أن وسائل الإعلام ركّزت على نقل البيانات الرسمية كما وردت دون جهد تحريري كافٍ للتفسير والتوضيح، أو طرح تساؤلات مهنية ترشد جمهور المتلقين إلى تداعيات الحدث على الأردن وموجبات التّعامل معه عبر ممارسة الإعلام أدواره المهنية، ضمن تغطية تعدّدية، تراعي حق الجمهور في المعرفة الدقيقة والشاملة.

قدمت بعض الوسائل الإعلامية تغطيات مباشرة للحظة انطلاق صفارات الإنذار، وأجرت مقابلات مقتضبة مع مواطنين عبّروا عن التزامهم بالتعليمات الرسمية وشعورهم بالقلق تجاه ما يجري، كما أجرى بعضها مقابلات مع  شخصيات عامّة أعربت عن مساندتها للموقف الحكومي الخاص بتحييد الأردن من أن يكون ساحة صراع بين القوى المتحاربة، إلّا أن التّغطية لم تتوسع في تقديم تحليل معمّق أو استضافة خبراء يشرحون طبيعة التّهديدات العسكرية الجوية وحدودها، والآليات المعتمدة في التعامل معها. [1]

كذلك غابت أدوات التّحقق الرقمي رغم انتشار عدد من مقاطع الفيديو عبر منصّات التّواصل الاجتماعي تزعم سقوط أجسام في منطقة الدوار السابع مثلًا، وقد سارعت مديرية الأمن العام إلى نفي هذه الادّعاءات، مؤكدةً أن المقاطع المتداولة غير صحيحة وتم التلاعب بها، وأعلنت فتح تحقيق لمعرفة من يقف وراء ترويجها. ورغم سرعة النّفي الرّسمي إلّا أنّ الإعلام المحلي لم يُكمل القصّة بتحقيق صحفي يوضّح أين تكمن الفبركة، أو يفسّر آلية التّضليل الرقمي، أو يذكّر الجمهور بالعقوبات القانونية التي قد تترتب على نشر المحتويات الكاذبة أو المفبركة التي تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي، خاصة مع قدرة الأجهزة المختصّة على الوصول السريع للمتورّطين عبر تتبّع المصدر الرّقمي للمحتوى.

من الجانب الرسمي، كان تدفّق المعلومات سريعًا ودقيقًا، فقد أصدرت القيادة العامة للقوات المسلّحة بيانات متتالية، ورافقها توجيه من هيئة الطيران المدني وتحذيرات واضحة من الأمن العام، تتعلق بكيفية التعامل مع أي أجسام مشبوهة تسقط على الأرض، إلا أن وسائل الإعلام لم تواكب هذا التدفّق المنتظم بمحتوى إعلامي متنوع يساعد الجمهور على الفهم والاطمئنان، بل بقيت في نطاق التّكرار.

يشير (أكيد) إلى أن تغطية هذا الحدث الأمني عكست وجود بنية إعلامية تتميّز بالانضباط والمسؤولية من حيث سرعة النشر، لكنها ما زالت تفتقر إلى أدوات التفسير والتحقق والتمثيل المجتمعي في التغطية، حيث أن الإعلام ما زال بحاجة إلى استعادة دوره كوسيط مهني بين الدولة والمجتمع، لا مجرد قناة لإعادة بث الرواية الرسمية. ففي ظروف كهذه يُنتظر من الإعلام أن ينقل الوقائع بدقة، ثم يفسّرها ويحلّلها، ويُنتج معرفة حقيقية للمتلقي حول طبيعة الحدث، وأسبابه، ومدى خطورته على الأمن الوطني، بما يسهم في رفع الوعي المجتمعي، ويسدّ الفجوات التي تثيرها الأسئلة التي تكون قد بقيت دون إجابات.