غياب التّغطية الإعلامية لأهمية دور هيئة السّوق المالي في نطاق منظومة التّحديث الاقتصادي

غياب التّغطية الإعلامية لأهمية دور هيئة السّوق المالي في نطاق منظومة التّحديث الاقتصادي

  • 2023-09-19
  • 12

عمّان 19 أيلول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس-عام مضى على برنامج التحديث الاقتصادي، أعلنت فيه الحكومة عن استمراريتها في إتمام خطط التّحديث الاقتصادي بهدف إنجاز مشاريع استثمارية بقيمة 10.470 مليار دينار[1]، وعُمل على العديد من المُمكّنات الداعمة لتنفيذ خطط الرؤية الاستثمارية الجديدة ومن أبرزها، إقرار قانون البيئة الاستثمارية الذي يعمل على توفير بيئة داعمة، وتهيئة الظروف لاستثمارات جديدة، إضافة إلى الالتفات لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

يوصف الهدف المرجو من الاستثمار كما تناقلته وسائل الإعلام المحليّة  وعنونت به أخبارها، أنه الحل لتحفيز نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل للأردنيين.[3][2]

وعلى ذلك، أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني(أكيد) رصدًا كميًّا ونوعيًّا اشتمل على عينة ضمت 12 وسيلة إعلام محليّة في الفترة ما بين شهر نيسان إلى منصف أيلول  للوقوف على نمط تعاطي الإعلام المحلّي مع قضايا الاستثمار.

وجاء في نتيجة الرّصد أن الإعلام المحلي ينظر إلى الاستثمار كمفهوم أُحادي يرتبط بعملية توظيف الأموال، في حين أنه من الأولى النظر إليه كمنظومة متكاملة من الأهداف التي من شأنها أن تحسّن جودة الحياة، وتعزّز التّنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفي سبيل تحقيق ذلك يتعيّن أن يقدّم الإعلام معلومات موثوقة وموضوعية للجمهور، تساعد على تعزيز الشّفافية والتّوازن بما يمكّن الأفراد والشّركات من اتّخاذ قرارات استثمارية مستنيرة ومبنية على فهم الآثار المحتملة لقراراتهم.

حظي محور التّركيز على الاستثمارات الأجنبية بتغطية واسعة، إذ بلغت نسبة الموادّ الصّحفية 41 بالمئة من عينة الدّراسة، وقد وقع التّركيز على أهمية تعزيز التّعاون الاقتصادي بين الأردن والبلدان المستهدفة، إضافة إلى تقديم تسهيلات للمستثمر المقيم في الأردن.[5][4]

وركّزت 36 بالمئة من مواد التّغطية الإعلامية على البرامج التي تقدمها الحكومة، مثل المبادرات والمؤتمرات والاتّفاقيات، ولفت الأنظار إلى خلق  سوق عمل في مجالات جديدة متعددة، مثل الطّاقة المتجدّدة والتّنقيب عن النّفط.[7][6]

وذهب 20 بالمئة من التّغطية باتجاه مناقشة محور تحديث وتطوير القوانين المرتبطة بالاستثمار، وذلك بهدف معرفة مدى انسجام القوانين مع حجم التّقديرات التي وضعتها الرؤية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات.[9][8]

وحظي محور رعاية المؤسسات الصّغيرة والمتوسطة باهتمام ضئيل، حيث بلغت نسبة الموادّ الصّحفية التي تناولته ثلاثة بالمئة من عينة الدراسة، وذهبت التغطية باتجاه الإشارة إلى قصص النّجاح، وخلق فرص الشّراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص.[10]

ولوحظ أنه لم يُرصد أي تقرير يتناول دور هيئة سوق رأس المال في إعادة هيكلة السّوق المالي، إذ يسهم القطاع في النّاتج المحلي الإجمالي بنحو 2.3 مليار دينار، أي ما نسبته 7.6 بالمئة من النّاتج المحلي الإجمالي، علمًا بأن الرّؤية الاقتصادية تتطلّع لأن يبلغ إسهام القطاع في النّاتج المحلي الإجمالي في العام 2033 نحو 4.6 مليار دينار، لذلك وجب متابعة الإعلام لأداء المؤسسات المالية (البنوك والتّأمين)، وأسواق رأس المال (سوق الأوراق المالية) لمعرفة أسباب ضعف أحجام التداول والاكتتابات في السّوق المالي، حيث لم يشهد السّوق المالي عمليات اكتتاب تذكر خلال العقد الماضي.

أخضع (أكيد) التغطية الإعلامية المرصودة إلى معاييره، ووجد غيابًا لعنصري المتابعة والشّمول، وذهبت معظم التّغطية باتجاه نقل الأخبار القائمة على ورش عمل ومؤتمرات ولقاءات حكومية، واعتمدت التّغطية على نقل وعود الحكومة، إلا أن الأصل في الإعلام الاقتصادي أن يوفر فرصًا حوارية مناسبة لبلورة تصورات وحلول عميقة تسهم في خلق  بيئة صديقة للمستثمر، تبدأ من التركيز على المنظومة الضّريبية، وتنتهي بالإشارة إلى الفرص الملائمة للاستثمار، فالمستثمر فطن ولا يحتاج فقط إلى نقل الوعود.

كما غاب عنصر الاستقصاء والتّحقق من الحقائق والأرقام، وبالتالي لم تُرصد تقارير تبحث في مدى فاعلية تجديد القوانين، أو تعمل على تتبّع تنفيذ الإجراءات الحكومية في سبيل إنفاذ رؤية التّحديث الاقتصادي التزامًا بالتّوجيهات الملكية.

ويرى (أكيد) أنه من المفيد دراسة تجارب الدّول الأخرى التي مرّت في ظروف مشابهة في هذا المجال، خصوصًا الدّول المصنّفة بالنّامية، مثل: سنغافورا، ماليزيا، جورجيا، والسّعودية، فكلّها تجارب تستحق الدّراسة، ويمكن الاستفادة منها في مجال الحلول لتنفيذ الرؤى الاستثمارية.

كما يتعين على الإعلام الاقتصادي التّركيز على القطاعات الحيوية التي يكون فيها للأردن ميزة تنافسية، كالسّياحة والخدمات، والتّركيز على الحوافز والإعفاءات، ونشر الدّراسات التي تبيّن تكاليف الاستثمار والمخاطر، وكذلك العائد الرّبحي، ومناقشتها من قبل الخبراء.