كيف نظر الإعلام إلى رئاسة نائبة في البرلمان جاهة عشائرية؟!

  • 2023-05-16
  • 12

عمّان 16 أيّار (أكيد)- سوسن أبو السّندس- تحوّل اجتماعي غير مسبوق  أثار شهية الصحفيين لإنتاج تقارير إخبارية حول ترؤس نائبة في مجلس النواب جاهة عشائرية إثر شجار وقع بين ثلاث عشائر، إلا أن وسائل إعلام انحازت إلى تبني النمط الاجتماعي السائد في أن يكون رأس الجاهة رجلًا وليس امرأة.

يرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أنّه من الصعب جدًا إخضاع مجريات الأحداث لاتّجاه واحد، غير أنّه غلب على التغطية الإعلامية تبني وجهة نظر أحادية تشير إلى أنّ ما حدث مخالف للعرف العشائري وخرق له.

ويمكن للمتتبع لمنصات التواصل الاجتماعي أن يرى طيفًا واسعًا من التباين في الأراء، ففي حين استنكر بعضهم حالة الرفض لأن تكون امرأة على رأس جاهة عشائرية في ظل قبول الأطراف المعنية في الجاهة بذلك، معتبرين أنه استمرارية لحالة التمييز ضد المرأة أو للنظرة الدونية لمكانتها عند بعضهم، ارتأى آخرون أنْ لا تتكرر. بهذا أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مواقع جاذبة لتبادل الآراء حول هذه الحادثة ومناقشتها.

وعلى ذلك، أنجز (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا لمعرفة التوجهات الإعلامية في التغطية، وجاء في نتيجة الرصد أن الإعلام تبنى وجهة النظر النمطية بعيدًا عن عرض وجهة النظر الأخرى، حيث ركزت 63 بالمئة من التقارير المرصودة على حالة الاضطراب والجدل الحاصلة في الشارع الأردني.

واتجهت 32 بالمئة من التقارير المرصودة إلى مناقشة الموضوع بطريقة أغفلت فيها البعد الجندري، متبنيةً وجهة نظر تشير إلى أنّ العرف العشائري لا يسمح للمرأة بأن تترأس صلحًا عشائريًا، مستندين في ذلك إلى العادات والتقاليد باعتبارها شأنًا ثابتًا، مع أن الرؤية الأشمل تأخذ بعين الاعتبار الطريقة الفضلى لتحقيق الغاية من الجاهة العشائرية في نشر الأمن وتهدئة النفوس وحفظ حقوق الناس، خصوصًا أن الجاهة انتهت بالصلح بين أطراف النزاع وحققت المراد منها، إضافة إلى وجود مبرّرات أخرى كان لا بد من عرضها والتركيز عليها مثل  الإشارة إلى  حالة التطور والحداثة التي تؤكد على حقيقة حضور المرأة الأردنية في جميع المشاهد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ناهيك عن تبوّئها مناصب دبلوماسية، وتسلمها حقائب وزارية.

كما رصد (أكيد) عددًا قليلًا من التقارير الصحفية التي تدعم سلوك النائبة، بنسبة لا تتجاوز خمسة بالمئة من التغطية الإعلامية، أفسحت فيها المجال للنائبة بالتعليق على الحدث، وأبرزت قدرة المرأة الأردنية على الإسهام في حل المشاكل العشائرية بما يعزز الامن والسلم المجتمعي. كما أشار أحد التقارير إلى حصول النائبة على درع فرسان الإنسانية من قبل المرصد الوطني الأردني لحقوق الإنسان نظرًا لجهودها في حل الخلاف.

 وفي السياق ذاته، وصفت بعض التقارير الصحفية الحدث بأنه يقع  لـ "أول مرة في التاريخ"، مستخدمة هذا الوصف بالعنوان، إلا أنّ النائبة صرحت عكس ذلك، مشيرة إلى أنّ هذه الحالة لم تكن الأولى التي تتوجه فيها لحل قضايا عشائرية، وأنها سبق أن ترأست مجلسًا عشائريًا تولى معالجة العديد من القضايا، لذلك كان على وسائل الإعلام أن تتحقق من حقيقة الروايتين قبل النشر، ما يقودنا إلى اتجاه آخر في التغطية، وهو الإجابة عن سؤال لماذا يُثار الآن هذا الجدل ما دام أنها لم تكن المرة الأولى.

كما لم يرصد(أكيد) أيّ تقرير داعم للحدث أو متقبل له، ولم يُرصد أي تقرير عاد إلى رواد الحركة النسوية، حيث كان من المتوقع أن يكون لهن صوت مسموع  وموقف واضح في التغطية، وعلى ذلك غاب التوازن، وأسهمت التغطية الإعلامية في تكوين رأي عام رافض للحدث، علاوة على الإسهام في حصر المرأة بأدوار محددة في المجتمع.