عمّان 9 تموز (أكيد)- عُلا القارصلي- في نهاية آذار الماضي، نشرت وسيلة إعلام عربية تقريرًا موسّعًا بعنوان: "40 بالمئة من الأردنيّين يستدينون مع بداية كل شهر"، تناول فيه ظاهرة الاستدانة وتزايد الاعتماد على القروض لتغطية النفقات الأساسية، وسط ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
التقرير المشار إليه استند إلى شهادات مواطنين وخبراء، وتضمّن أرقامًا لافتة، منها أن 40 بالمئة من الأردنيّين يلجؤون للاستدانة شهريًا، إضافة إلى أعداد المقترضين ونسب الفقر والبطالة والقروض المتعثرة، ونُسب بعض هذه المعلومات لمصادر موثوقة، في ما لم يُذكر مصدر بعضها الآخر.[1]
في بداية تموز الجاري، أعادت وسيلة إعلام محلية نشر التقرير نفسه كما هو، مستخدمة العنوان والمحتوى ذاتهما، مع الإشارة إلى اسم الموقع الأصلي كمصدر، لكن سرعان ما انتشر التقرير عبر وسائل إعلام أخرى، بعضها غيّر العنوان أو بعض التفاصيل، وبعضها أشار إلى أن الأرقام الواردة في التقرير تعود إلى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، دون أن يكون ذلك مذكورًا في النص الأصلي أو مدعومًا بأي رابط أو وثيقة، في حين نشرت وسائل أخرى التقرير وكأنه من إعدادها، دون نسبه إلى أي جهة. [2] [3] [4] [5]
بالرغم من أنّ التقرير يربط بشكل عام بين الاستدانة من جهة، وثبات الأجور وارتفاع الأسعار من جهة أخرى، إلا أن بعض الأرقام التي وردت فيه نُشرت دون ذكر مصدر دقيق، أو توثيق رسمي، أو حتى تاريخ صدورها، وبخاصة ما يتعلق بنسبة الـ 40 بالمئة المحورية التي هي مجرد تقدير، لكن التقرير لم يذكر من الذي أجراه، وبالاستناد إلى ماذا.
في ضوء ما سبق، راجع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) الدراسات الحديثة التي نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، خاصة تلك التي صدرت في الفترة القريبة من نشر التقرير، فوجد أن الدراسة الاقتصادية الوحيدة عن الأردن في تلك الفترة قد نُشرت ضمن العدد الحادي والخمسين من دورية "عُمران"، بداية آذار 2025، بعنوان: "تضخم الدين العام في الأردن وسياسة ضبط أسعار الفائدة". هذه الدراسة ركّزت على تحليل الدين العام والسياسات النقدية، لكنها لم تتضمّن أي إحصاءات عن نسب الاستدانة أو عدد المقترضين، أو غيرها من الأرقام التي استُخدمت في التقرير المتداول. [6]
ورغم عدم العثور على تطابق دقيق، إلا أن (أكيد) وجد أرقامًا قريبة من مضمون التقرير في مصادر موثوقة، فبحسب نتائج "المؤشر العربي" لعام 2022، والذي نفّذه المركز العربي في 14 بلدًا عربيًا بينها الأردن (ص15)، أفاد 59 بالمئة من المستجيبين الأردنيّين بأن دخل أسرهم لا يغطي احتياجاتهم الأساسية. [7]
كما وردت في تقرير الباروميتر العربي للدورة الثامنة (2023-2024) مجموعة من المؤشرات التي تعكس الأوضاع الاقتصادية الصعبة (ص6)، إذ يرى 58 بالمئة من الأردنيّين أن الاقتصاد هو التحدي الأكبر الذي تواجهه البلاد، ويعتقد 72 بالمئة أن توفير الطعام يشكل مشكلة كبيرة أو متوسطة، بينما يقلق 76 بالمئة بشأن أسعار الغذاء وقدرتهم على تحمّلها. وأفاد 27 بالمئة بأنهم واجهوا خلال الشهر الماضي (آنذاك) صعوبة في توفير المال لشراء الطعام. وأكّد 40 بالمئة أنّهم اضطروا إلى تقليص كميات الطعام أو تخطي وجبات بسبب ضيق الموارد.[8]
ويشير (أكيد) إلى أن استخدام الأرقام في العناوين الصحفية يمثّل وسيلة فعّالة لجذب انتباه القارئ وتسليط الضوء على القضايا العامة، كما تساعد في تبسيط المفاهيم المعقدة وتقديم صورة سريعة عن حجم المشكلة، لكنه سلاح ذو حدين، ذلك أن المسؤولية المهنية تقتضي الحرص على دقة هذه الأرقام وتوثيق مصادرها، بما يشمل: اسم الدراسة، الجهة التي أجرتها، وتاريخ نشرها، لأن غياب هذه العناصر قد يؤدي إلى تضليل الجمهور عن غير قصد، ويقوّض ثقة المتلقي بالمحتوى الصحفي، في حين أن الالتزام بالشفافية والوضوح في تقديم الأرقام، يعزّز من مصداقية العمل الصحفي، ويمنح القارئ الفرصة لمراجعة المصادر وفهم السياق الكامل للمعلومة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني