ما بين التّوثيق المحلي والتّصنيف العالمي .. أين تقف آثار الأردن في الإعلام المحلي؟!

ما بين التّوثيق المحلي والتّصنيف العالمي .. أين تقف آثار الأردن في الإعلام المحلي؟!

  • 2025-05-15
  • 12

عمّان 15 أيّار (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- زار رئيس الوزراء قلعة القطرانة في شباط الماضي، وتزامن ذلك مع تصريحات رسمية عن النية لتطوير الموقع، ولم تمضِ أسابيع قليلة حتى صدر قرار مجلس الوزراء باعتبار القلعة موقعًا سياحيًا رسميًا، ما أثار اهتمام  وسائل الإعلام لفترة وجيزة. غير أن هذه التّغطية العابرة سلّطت الضّوء على إشكالية أوسع تتعلق بكيفية تعامل وسائل الإعلام مع الإرث الأثري الوطني خاصةً في ظل تفاوت واضح بين التوثيق المحلي الذي تقوده وزارة السياحة والآثار والتصنيف العالمي الذي تضطلع به منظمة اليونسكو. [1]

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية الإعلامية المتعلقة بقلعة القطرانة من لحظة إعلانها موقعًا سياحيًا للحظة كتابة هذا التّقرير، وجاء في نتيجة الرصد أن معظم المواد المنشورة اقتصرت على إعادة نشر القرار الرسمي، دون التّوسع في تحليل سياق القرار أو تسليط الضّوء على الأهمية التاريخية والثقافية للقلعة. كما غابت التّغطيات الميدانية أو الأصوات المحلية من سكان المنطقة، باستثناء تغطيات نُشرت عند زيارة رئيس الوزراء، وقد لوحظ غياب أي تناول مهني تصاعدي لهذا الموقع أو غيره من المواقع المشابهة، ما يشير إلى ضعف في المتابعة الإعلامية المستمرّة للملف الأثري في الأردن.

وعلى صعيد التوثيق، تتبع وزارة السّياحة والآثار معايير محلية لتصنيف المواقع السياحية تركز غالبًا على الجاهزية الخدمية أو البعد الاستثماري للموقع، وفي المقابل تتطلب معايير اليونسكو لتصنيف المواقع ضمن لائحة التراث العالمي توافر عناصر أصالة وأهمية عالمية، إضافة إلى إجراءات قانونية وتقنية معقدة، هذا التباين بين النظامين يترك الكثير من المواقع المحلية رغم أهميتها التاريخية، خارج دائرة الاهتمام أو التصنيف الرسمي، لتبقى في الظل دون حماية كافية أو تطوير فعّال. [2]

وتبرز في هذا السّياق حالة قلعة الكرك، أحد أبرز المعالم التاريخية في المملكة، والتي تُعد قيد الإعداد لملف ترشيحها لليونسكو، وبحسب تصريحات رسمية لمدير دائرة الآثار العامة، فإن العمل جارٍ حاليًا على استكمال الملف الفنّي بعد الانتهاء من ملف محمية العقبة البحرية، في شهر كانون الثاني 2025. ورغم هذه الجهود، لم تظهر أي حملات إعلامية محلية لتغطية هذا المسار أو لدعم إدراج الموقع على القائمة العالمية، في حين تُعد القلعة مثالًا على الأثر القوي للغياب الإعلامي عن قضايا التّراث المحلي.[3]

هذا الواقع يعكس غياب صحافة متخصّصة تُعنى بالتراث، إضافة إلى ضعف التغطيات التراكمية التي تخلق سردية مستمرة حول المواقع الأثرية، وتُسهم في تشكيل وعي عام ضاغط باتّجاه حماية الإرث الثقافي. وسائل الإعلام في أغلب الأوقات لا تسبق القرار الرسمي في توجيه الأبصار نحو مواقع مهملة، بل تكتفي بنقل التصريحات دون مساءلة أو متابعة أو توجيه.

يشير (أكيد) إلى أن الحاجة ملحّة لإعلام يتعامل مع المواقع الأثرية باعتبارها ملفًا ثقافيًا وتنمويًا، لا مجرد حدث موسمي .. إعلام يستقصي، ويوثّق، ويُسلّط الضّوء على المناطق المهمّشة، ويمنح الأصوات المحلية مساحتها، ليكون، أي الإعلام، بذلك طرفًا في حماية الذاكرة الجماعية، لا مجرد ناقل لها.