وسائل الإعلام المحلية بين روايتين متضاربتين حول أسعار السيارات

وسائل الإعلام المحلية بين روايتين متضاربتين حول أسعار السيارات

  • 2025-11-08
  • 12

عمّان 7 تشرين الثاني (أكيد)- عُلا القارصلي- قبل أيام من بدء تطبيق القرارات الجديدة للحكومة الخاصة بتنظيم استيراد وترخيص السيارات في الأردن مطلع تشرين الثاني 2025، اشتعلت التغطيات الإعلامية على نحو غير مسبوق، وغزت المواقع الإخبارية المحلية موجة من التقارير والمقابلات، بين من يروّج لانخفاض الأسعار نتيجة تخفيض الضرائب، ومن يحذّر من ارتفاع وشيك في السوق بسبب القيود الجديدة، هذا الزخم الإعلامي كشف حجم الارتباك في قراءة المشهد، تاركًا المواطن في دوامة من التناقضات.

القرارات الحكومية جاءت شاملة ومترابطة، حيث تم تحديد مواصفات جديدة لاستيراد المركبات وفق المعايير الأوروبية والخليجية والسعودية، ومنع إدخال السيارات المصنفة "سالفج" أو المتضرّرة بشدة، وفرض شرط ألا يتجاوز عمر السيارة الكهربائية ثلاث سنوات بما فيها سنة التخليص الجمركي. كما تم تخفيض الضريبة الخاصة على سيارات البنزين من نحو 71 بالمئة إلى 51 بالمئة، وعلى سيارات الهايبرد إلى 39 بالمئة، وتوحيد ضريبة السيارات الكهربائية عند 27 بالمئة. هذه الخطوة قُدّمت رسميًا كإصلاح جمركي وتنظيمي بهدف رفع كفاءة المركبات وتشجيع السيارات الصديقة للبيئة، لكن تأثيرها في السوق بدا أكثر تعقيدًا مما توحي به الأرقام.

وسائل إعلامية تبنّت سردية تجار المنطقة الحرّة، الذين أوضحوا أن حركة التخليص ارتفعت بنسبة تتراوح بين 300 و400 بالمئة نتيجة اندفاع التجار والمواطنين للتخليص على مركباتهم قبل الموعد النهائي، وبيّنوا أن القرار أجبر التجار على دفع الرسوم الجمركية عن كامل مخزونهم، ما تسبّب بانخفاض مؤقت في الأسعار بسبب الحاجة للسيولة، متوقعين ارتفاعها الكبير مطلع عام 2026 بسبب شح المعروض، خصوصًا للسيارات التي يقل سعرها عن 8 آلاف دينار. وانتقدوا القرار لعدم مراعاته طبيعة عمل المناطق الحرة، مشيرين إلى أن بعض التجار اضطروا لتسجيل المركبات بأسماء آخرين لتفادي الخسائر، في ما ستكون السيارات الصينية والكورية ومركبات "السالفج" الأكثر تضررًا، رغم أن جميع المركبات المجمرَكة تخضع للفحوصات الفنيّة وتحقّق معايير السلامة. [1] [2] [3]

وسائل أخرى تبنّت وجهة نظر مختلفة، حيث نفى ممثلون عن قطاع المركبات في الأردن ما يُتداول حول ارتفاع مرتقب في أسعار السيارات، مؤكدين أن هذه الأنباء تهدف إلى تحريك السوق واستغلال المستهلكين، وليس لها أيّ أساس واقعي. وأوضح هؤلاء أن المناطق الحرّة تمتلك مخزونًا ضخمًا من المركبات المعروضة للبيع، في حين تراجعت نسب المبيعات بشكل واضح، ما يعكس حالة ركود ناتجة عن قرارات حكومية حديثة منعت استيراد سيارات "السالفج" وفرضت شروطًا جديدة على الجمارك.

كما أكّد هؤلاء أيضًا أنّ أسعار المركبات الكهربائية لن ترتفع في المدى القريب بسبب الفائض الكبير في المخزون الذي يغطي حاجة السوق لعام كامل على الأقل، مشيرين إلى أن التعديلات الأخيرة على شروط الاستيراد تهدف إلى تنظيم السوق وتحسين الجودة لا لرفع الأسعار، كما لفتوا إلى عودة الاهتمام بالسيارات الهجينة بعد تخفيض الجمارك عليها، ما يوفّر للمستهلك حرية أكبر في الاختيار، في ما شددوا على أن السوق يتمتع حاليًا بمرونة واستقرار يضمنان استقرار الأسعار وتحسن جودة المركبات المتاحة. [4] [5] [6] [7]

ويشير (أكيد) إلى أن التضارب لم يأت من فراغ، لأن القرار الحكومي يحمل وجهين اقتصاديين متعارضين في الوقت نفسه: وجه "تحفيزي" عبر خفض الضرائب لتقليل الأسعار، ووجه "تقييدي" عبر تشديد شروط الاستيراد ما يقلص حجم العرض، ومن الطبيعي أن تختلف تفسيرات الجهات الإعلامية بحسب الزاوية التي تركز عليها؛ فهناك إعلام يتحدث بلغة الإصلاح المالي والبيئي، وإعلام يركّز على البعد التجاري، حيث يرى الموضوع من منظور العرض والطلب والربحية.

يدعو (أكيد) الإعلام المحلي إلى تجاوز مرحلة التناقضات في العناوين نحو تحليل أعمق للسياسات الاقتصادية، لأنّ قصة السيارات لم تعد تقتصر على سعر المركبة فقط، بل تمتد إلى تحولات أعمق في هيكل السوق ومواصفات المركبات المعروضة، فالسوق الأردني يشهد منذ سنوات تحولًا تدريجيًا من المركبات العاملة بالبنزين إلى السيارات الهجينة والكهربائية، مدفوعًا بعوامل عالمية تتعلق بتغير اتجاهات الصناعة والطاقة.