وفاة طالبة توجيهي بجلطة.. قصة تغيب عن تفاصيلها الدقة

  • 2018-03-17
  • 12

أكيد- أنور الزيادات

تناقلت وسائل الإعلام يوم السبت خبرا حول وفاة طالبة توجيهي بجلطة، ألا أن الخبر تم تناوله بتفاصيل مختلفة من موقع الى أخر، وحملت التفاصيل تناقضا وتباينا في المكان والزمان، والأسباب.

وخلال متابعة مرصد مصداقية الأعلام الأردني لما نشر يظهر للمتابع أنه ربما هناك أكثر من حالة وفاة، أحدها في الطفيلة، وأخرى في عمان. فقد نشر احد المواقع خبرا بعنون" وفاة طالبة توجيهي إثر تعرضها للجلطة في الطفيلة،وجاء في الخبر "اجواء الفرح والنجاح ترافقها خيبة أمل لمن لم يحالفه الحظ في تجاوز امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة تعم جميع أرجاء المملكة، لكن وفي حادثة مؤسفة وعلى إثر اعلان نتائج الثانوية العامة ” التوجيهي” توفيت الشابة (ن، ع، س) من محافظة الطفيلة بعد تعرضها لجلطة ما أدى الى وفاتها".

خبر أخر بعنوان "وفاة طالبة توجيهي بالجلطة بعد اعلان نتيجتها" منقول على لسان مندوب الموقع في الطفيلة جاء فيه "توفيت طالبة التوجيهي (ن، ع، س) من بلدة عيمة بمحافظة الطفيلة، ظهر اليوم، اثر اصابتها بجلطة، عقب سماعها بنتيجتها بامتحان الثانوية العامة "التوجيهي".

ومن العناوين الأخرى "الطفيلة.. وفاة طالبة توجيهي بالجلطة بعد اعلان نتيجتها"، كما تم تناول الخبر بنفس العنوان في عدد من المواقع الاخبارية التي تنشط على فيسبوك.

وتواصل مرصد (أكيد) مع مدير صحة الطفيلة  الدكتور حمد اربيحات الذي أكد أنه لم تسجل أي حالة وفاة لطالبة توجيهي في الطفيلة يوم السبت 17 شباط 2017.

وقال" ربما اختلط الأمر، فهناك طالبة توجيهي أصولها من الطفيلة وتسكن في عمان توفيت وفق معلوماتي".

أحد الأخبار السابقة أشار إلى ان الوفاة كانت مع ظهر يوم النتائج ، لكن مصادر في مستشفى البشير أكدت لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) "وصول الفتاة في الساعة الرابعة و50 دقيقة فجرا متوفية الى مستشفى البشير، ومن ثم تم تحويلها الى الطب الشرعي و ان سبب الوفاة هو احتشاء في عضلة القلب".

وتناول خبر أخر الحالة تحت العنوان التالي "عمان : وفاة طالبة توجيهي بالجلطة بعد اعلان نتيجتها" وجاء فيه "أصيبت طالبة بنوبة قلبية فور تلقيها خبر إخفاقها في امتحان الثانوية العامة وجرى اسعافها على الفور الىالمستشفى بوضع حرج ،وما لبثت أن فارقت الحياة".

 خبر أخر كان بعنوان وفاة طالبة توجيهي بجبل التاج عقب إعلان النتيجة مباشرة، جاء فيه "تعرضت طالبة توجيهي تقطن في منطقة جبل التاج بعمان السبت لجلطة قلبية مفاجأة أودت بحياتها على الفور وذلك بعد أن سمعت خبر رسوبها في الامتحانات، وتم نقلها على اثرها الى مستشفى البشير وما لبثت ان فارقت الحياة على الفور".

من جهة أخرى أشارت بعض الأخبار الى نجاح الطالبة، وهو ما يتناقض مع ما نشرته مواقع أخرى فقد قالت عائلتهاانها انتقلت الى رحمة الله تعالى قبل اعلان نتائج الثانوية العامة فجر السبت وكانت ناجحة في النتيجة النهائية للامتحانات، وبمعدل 75%.

مرصد "أكيد" تواصل مع أحد اقرباء الفتاة المتوفاة حيث يقول ابن خالتها محمد الرواشدة لمرصد "اكيد" أن "ابنة خالته توفيت قبل إعلان النتائج بساعتين، الامر الذي يعني أن جميع المواقع التي أشارت الى وفاتها بعد اعلان النتائج لم تنقل الحقيقة".

وحول نتيجتها في الثانوية فأشار الى انها "ناجحة ومتفوقة، لكن لم يتم احتساب المعدل فالجميع مشغول بأمر جلل وهو الوفاة، وانهم ليسوا متفرغين لحساب معدلها".

هذا الخبر كما تناولته المواقع يحمل بين طياته العديد من المغالطات أولها وصول الفتاة متوفية الى المستشفى وليس في حالة حرجة، أما الأمر الأخر فهو الاشارة الى أن الوفاة عقب النتائج وهو الامر الذي لم يثبته الموقع على لسان أي مصدر، فالخبر يخلو من المصادر.

ودفعنا خلو الخبر من المصادر الى التواصل مع الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي الذي أشار الى أنهم لم يتعاملوا مع الحالة، مشيرا الى أنهم لا يتعاملون مع الحالات المرضية، ومن الممكن ان تكون المصادر الطبية هي التي تملك المعلومة.

كما تواصل مرصد (أكيد) مع إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي في مديرية الدفاع المدني التي قالت أنها "لم تتعامل مع هذه الحالة، وهي في العادة من الحالات التي تتعامل معها مديرية الدفاع المدني".

ويتضح أنه في بعض الاحيان تنقل الحالات المرضية بالمركبات الخاصة، دون تدخل من الدفاع المدني، حتى بعض الحوادث الأخرى كالدهس يتعامل معها المواطنون في موقع الحدث، الأمر الذي يعني أنها لا تسجل ضمن بيانات تتعامل معها مديرية الدفاع المدني.

وحول مدى دقة ربط وفاة الفتاة بنتائج التوجيهي يقول مستشار الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان والخبير الجنائي في الطب الشرعي لدى المحكمة الجنائية الدولية ان الوفيات الفجأة ليست محصورة بعمر محدد وقد تكون لأسباب مرضية كامنة غير مشخصة ان كان ذلك بسبب طبيعة المرض او لأسباب تتعلق بالمريض وبيئته الاسرية والاجتماعية.

واوضح ان احتمال تعليل الوفاة كونه ناتج عن كرب نفسي هو نادر جدا ولا يُعتمد من الناحية العلمية البحتة الا بعد استكمال الإجراءات.

ويضيف الكشف الطبي القضائي يجب ان يشمل (1) الكشف الظاهري على الجثة (2) التشريح بالكشف العياني على كامل الأعضاء الداخلية (3) الكشف النسيجي الميكروسكوبي من مختلف الأعضاء (4)  فحص سوائل الجسم عن السموم والعقاقير والمواد المخدرة والمهدئة والمهلوسة، يتعاضد كل ما سبق مع مراجعة اية معلومات طبية سابقة والتحقيق الشرطي والاجتماعي بظروف الوفاة.

ويوضح "اعتمادا على كل ما سبق من غياب وجود اي مؤشرات لأمراض كامنة او أسباب سمية او إصابية للوفاة، قد تشخص الوفاة على انها قد تكون ناتجة عن الكرب النفسي، الا ان هذه وحسب المراجع المعرفية المسندة بحثيا هي دائما موضع ارتياب والشك".

وقال "وجود علامات نزفية بسيطة الحجم في جدار الشرايين التاجية للقلب قد تكون مؤشر على ان الوفاة نتيجة الكرب النفسي والتوتر الشديد، وهذه أيضا وفي حال وجودها ليست مؤشر تشخيصي كاف على أن الوفاة هي نتيجة الكرب، وأيضا غيابها لا يعني أن الوفاة ليست نتيجة الكرب النفسي".