عمّان 18 أيلول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- استخدام المصطلحات والكلمات في الصحافة ليست مسألة اعتباطية، بل هو قرار تحريري يشير إلى مدى التزام الوسيلة الإعلامية بالموضوعية، بالنظر إلى أثر استخدامها على جمهور المتلقين. وحين يكون الحديث عن مفردات أو عبارات تتعلّق بالشأن الوطني أو الهوية الوطنية، فيجب أن تخضع تلك المصطلحات لسياسات تحريرية صارمة حتى لا يُفتح الباب أمام مفردات قد تتمخض-ولو عن غير قصد- عن خلق جدل يؤدي في ظروف معينة إلى خطاب كراهية، في الوقت الذي أحوج ما يكون به المجتمع إلى حماية وحدته الوطنية.
في هذا السياق، استخدمت وسيلة إعلامية مصطلح "أرادنة" كجمع لكلمة أردني في عنوان جاء بصيغة "تحذير للأرادنة من لعبة خداع مالي". ورغم أن الصيغة صحيحة لغويًا، إلا أن استخدامها أثار تساؤلات حول مدى ملاءمتها وأثرها على الخطاب العام.
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التفاعلات التي رافقت استخدام هذه المفردة عبر منصات التواصل الاجتماعي، فتبيّن أن العنوان تسبّب بإثارة جدل وخطاب كراهية، حيث أشار البعض إلى أن الكلمة توحي بتقسيم أو تجزئة للهوية الوطنية، وتكرّس صورة نمطية محدّدة، الأمر الذي يشير إلى أن استخدام مصطلحات معينة حتى ولو كانت صحيحة لغويًا، قد تتحول إلى أداة تُغذي خطاب الكراهية، إذا لم تُضبط ضمن إطار تحريري ومؤسّسي دقيق.
وفي وقت لاحق، أوضح الموقع الإخباري أن استخدام مصطلح "أرادنة" جاء استنادًا إلى تأكيد من مجمع اللغة العربية بصحّة الجمع، وإلى شواهد من كتابات أعلام ومثقفين أردنيّين، وأكّد أن الهدف من النشر هو رفع الوعي بعيدًا عن أي مواقف سياسية مسبقة.[1]
يشير (أكيد) إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بالصّحة اللغوية، بل بضرورة وجود مرجعية مؤسسية لاستخدام المصطلحات، وهو ما يُعرف في العمل الصحفي بـ دليل الأسلوب التحريري Style book لوضع قواعد محدّدة لاختيار كلمات أو تفضيلها على أخرى، بما يضمن تجنّب مصطلحات قد تُستغل لإثارة الفتنة أو تُغذي خطاب الكراهية.
وعند الحديث عن استخدام عبارات تشير إلى الهوية الوطنية، فإن الأولى هو الالتزام بالصياغة الرّسمية واعتمادها في الخطاب الإعلامي، فالدستور الأردني يستخدم وصف "الأردنيّين"، حيث تشير المادة السادسة إلى عبارة "الأردنيون أمام القانون سواء"، وجرى تطوير عنوان الفصل الثاني من الدستور ليصبج "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم" في نطاق تحديث المنظومة السياسية. بهذا، تُعدّ هذه هي الصياغة الرسمية الجامعة التي يتعيّن أن تحكم الخطاب الإعلامي عند الحديث عن الهوية الوطنية.
وفي شتى الأحوال، يدعو (أكيد) الأردنيّين والأردنيات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى عدم المبالغة بالحساسية تجاه ما هو مختلف أو غير مألوف، والتعامل مع الاجتهادات المختلفة من بوابة النقاس والحوار، للحد من التراشق بخطاب الكراهية.
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed