عمّان 12 تمّوز (أكيد)- عُلا القارصلي- أثار نشر نتائج "مؤشر نزاهة البحث العلمي RI² "موجة واسعة من الجدل في الأوساط الأكاديمية والإعلامية في الأردن، بعد أن قامت وسائل إعلام محلية بنشر صورة لجدول يصنّف الجامعات الأردنية دون أي توضيح للمؤشر أو للجهة المصدّرة له أو منهجيته العلمية، مكتفيةً بعنوان عام يقول: "تصنيف الجامعات الأردنية في مؤشر النزاهة البحثية"، وأظهرت الصورة أربع جامعات أردنية في الفئة الحمراء (شديد الخطورة)، وجامعتين في الفئة البرتقالية (خطورة مرتفعة)، وواحدة في الفئة الصفراء (تحت المراقبة)، دون أي جامعة في الفئتين الخضراء أو البيضاء.[1]
مؤشر RI² هو مبادرة بحثية فردية وضعها الدكتور لقمان ميهو، أستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت، ونُشرت نتائجه في حزيران 2025 عبر منصة arXiv التي تُستخدم لنشر أوراق لم تخضع بعد للتحكيم العلمي الرسمي.
يقيس المؤشر ما يُعرف بـ "مخاطر النزاهة الأكاديمية"، ويعتمد على معادلة رقْمية مبسّطة تقوم على مؤشّرين فقط، هما: نسبة الأبحاث المسحوبة من النشر، ونسبة الأبحاث المنشورة في مجلات أُزيلت لاحقًا من قواعد البيانات المعتمدة مثل Scopus وWeb of Science.
غياب التفسير العلمي وغياب الصحافة المتخصّصة في تحليل المؤشرات والشأن الأكاديمي، عمّق حدّة الجدل، وأدى إلى إساءة فهم النتائج، خصوصًا بعد أن خرج وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة بتصريح أكّد فيه مضامين المؤشر، واعتبر أن الجامعات الأردنية تعاني من مشاكل حقيقية تتعلق بسرقة الأبحاث، والتزوير، والاستخدام غير المنضبط للذكاء الاصطناعي. تصريح الوزير الذي تضمّن اتّهامات مباشرة لممارسات داخل الجامعات الرسمية والخاصة، أثار صدمة كبيرة في الأوساط التعليمية، خصوصًا أنه لم يترافق مع أي خطة إصلاحية أو توضيحات رسمية حول ما قيل.[2]
بدلًا من التوضيح، أدى التصريح إلى حالة من الفوضى الإعلامية، حيث سارعت بعض وسائل الإعلام إلى حذف ما نشرته سابقًا عن المؤشر، بما في ذلك تصريح الوزير نفسه، بينما بدأ مختصون أكاديميون وإعلاميون، بالإضافة لكتّاب مقالات في الصحف والمواقع الإخبارية بمحاولة شرح الملابسات والتصحيح، وأجمع كتّاب مقالات على أن تناول المؤشر إعلاميًا كان غير موفّق، ويعكس حساسية التعامل مع المؤشرات الأكاديمية دون إحاطة دقيقة وكافية. هذا ناهيك عن غياب الصحفيّين المتخصّصين في هذا النوع من التغطية. [3] [4] [5] [6] [7]
كما تمّ تسليط الضوء على تناقض نتائج المؤشر مع الواقع الموثق في التصنيفات العالمية المعتمدة مثل QS، حيث حازت الجامعة الأردنية على المرتبة 324 عالميًا والتاسعة عربيًا، وجامعة العلوم والتكنولوجيا على المرتبة 461، وهما من ضمن الجامعات التي ظهرت في المؤشر، هذا التناقض يوضح هشاشة مؤشر النزاهة البحثية وضرورة التعامل معه بحذر، لا سيما في ظل سعي الأردن لتحسين تصنيف جامعاته ضمن إطار رؤية التحديث الاقتصادي 2023–2033، والتي تنص صراحة على: تحفيز الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، جذب الاستثمارات من خلال تحسين بيئة التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، تحسين التصنيف العالمي للجامعات الأردنية، بناء رأس مال مؤهل علميًا، وتعزيز الثقة الدولية في جودة المؤسسات التعليمية الأردنية. [8] [9]
في ظل هذه الفوضى، طالب مسؤولون سابقون وخبراء بتشكيل لجنة وطنية دائمة لأخلاقيات البحث العلمي، تتولى تقييم المؤشرات وتصنيفات الجامعات، وتضع سياسة وطنية واضحة للتعامل مع المؤشرات الجديدة، بما يضمن النزاهة دون أن يؤدي إلى تشويه السمعة، كما شدّدوا على أن تصريحات رسمية بمستوى تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ينبغي أن يرافقها خطة إصلاح واضحة، وتواصل شفاف مع المؤسسات الأكاديمية.
يدعو (أكيد) وسائل الإعلام إلى ضرورة التحلي بالحذر والدقة عند تناول موضوعات علمية حسّاسة قد تمسّ سمعة مؤسسات وطنية كبرى، وعند نقل المؤشرات يجب ذكر مصدرها ومنهجيتها وشرح مضمونها للرأي العام بشكل وافٍ.
وجدير بالذكر أن المؤشر لم يُثر الجدل فقط في الأردن، بل أثار الجدل نفسه في العديد من الدول العربية، بما فيها العراق والمغرب التي تأتي جامعات فيها بمراتب متقدمة في المؤشرات العالمية الموثقة، بينما حلّت في إطار هذا المؤشر ضمن خانة "شديد الخطورة".
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed