عمّان 10 كانون الأول (أكيد)- اتّخذت بعض وسائل الإعلام، خلال تغطيتها لمناقشات القانون المعدّل لقانون التنفيذ الشرعي تحت قبة مجلس النواب، نمطًا يقوم على اجتزاء جمل قصيرة من سياقها وتحويلها إلى عناوين مثيرة للجدل ومناسبة للتفاعل على منصّات التواصل الاجتماعي، هذا الأسلوب بات واضحًا باعتباره نمط تغطية متكررًا، يقدّم العبارة الجاذبة بدلًا من جوهر النقاش القانوني الذي يمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
وقد ظهر هذا النهج عندما تناولت وسائل إعلام مداخلة لأحد النواب نقلًا عن أبٍ يشكو فقدان التواصل مع ابنته بعد الطلاق، فاستشهد بقوله: "امرأة قبل الطلاق كانت محجبة وبعد الطلاق خلعت الحجاب". كان الهدف من المثال توضيح أثر قلة أوقات المشاهدة بين الأبناء والآباء بعد الطلاق، والتحذير من غياب التوجيه الأسري عند انقطاع اللقاءات، لكنّ انتزاع العبارة عن سياقها جعلها تبدو كما لو كانت اتّهامًا مباشرًا للمرأة بأنها تنحرف بعد الطلاق، وهو ما لا يمثّل القصد الحقيقي للمداخلة.[1][2]
هذا الاجتزاء لم يكن حدثًا منفردًا، بل تكرّر ضمن التغطية الإعلامية لمشروع القانون نفسه، عندما تم اقتطاع عبارة أخرى من مداخلة مختلفة: "يلي بطلّق مرته لازم يتبهدل"، في سياق الحديث عن حق الزوجة والأطفال في النفقة، حيث كان النائب يشدّد على ضمان وصول النفقة بشكل فوري ودون مماطلة، لكن نشر الجملة كعنوان صادم حوّلها إلى مادة لاستفزاز الرأي العام وتوجيه الاتّهامات للنائب، بدل توضيح هدف المداخلة الأساسي، وأعد (أكيد) تقريرًا سابقًا عن هذا الاجتزاء.[3]
هذا النمط من المعالجة الإعلامية أربك النقاش العام حول تعديلات قانونية حساسة تتعلق بحقوق الأسرة، وأبعد الجمهور عن فهم جوهر ما يجري داخل البرلمان، وهو النقاش التشريعي المتعلق بتصحيح الاختلالات وتعزيز العدالة داخل الأسرة بعد الطلاق.
ويرى (أكيد) أن واجب الإعلام عند تغطية مناقشات مشاريع القوانين، أن يؤدي دوره في تفسير النقاط القانونية للجمهور، ومساعدة المواطن على فهم كيف تنعكس التعديلات على حقوقه وحياته اليومية، لا أن تحوّل جلسات البرلمان إلى مقاطع مجتزأة تُستخدم فقط لجذب المشاهدات والتفاعل. فالنقاشات تحت القبة قد تكون حادّة، وقد تتباين فيها الآراء، وهذا طبيعي، لكن المهنية تقتضي نقل الصورة كاملة حتى يستطيع المواطن تكوين رأيه على أساس معلومات دقيقة لا بالاستناد إلى عناوين مبتورة.
وعليه، يدعو (أكيد) وسائل الإعلام إلى:
- الالتزام بالسياق الكامل عند نقل مداخلات النواب.
- تجنّب العناوين المثيرة التي تُشوّه المقاصد.
- تحرّي الدقّة والأمانة في تغطية التشريعات.
- الرجوع إلى المختصين عند تناول قضايا قانونية.
- تعزيز ثقافة الدراية الإعلامية داخل غرف الأخبار.
وعندما يحافظ الإعلام على المهنية ويلتزم بهذه النقاط، يصبح جسرًا بين البرلمان والمجتمع، ووسيلة لبناء رأي عام مستنير، لا مصدرًا للتشويش على نقاشات تمسّ الأسرة الأردنية وحقوقها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني