التّضخم والنّمو في الأردن .. الأرقام تشير إلى اقتصاد يتحرّك في اتّجاه متوازن نسبيًا لكنّ القراءة الإعلامية ناقصة

التّضخم والنّمو في الأردن .. الأرقام تشير إلى اقتصاد يتحرّك في اتّجاه متوازن نسبيًا لكنّ القراءة الإعلامية ناقصة

  • 2025-10-19
  • 12

عمّان 17 تشرين الأول (أكيد)- عُلا القارصلي- يُعدّ قياس معدل التّضخّم من أهم أدوات قراءة الحالة الاقتصادية في أي دولة، فهو لا يُقاس فقط بارتفاع الأسعار، بل بما يعكسه من توازن بين الإنتاج والدّخل والاستهلاك، فالتّضخّم في حدّ ذاته ليس خيرًا ولا شرًا، بل مؤشر يُفهم فقط حين يُربط ببقية المعادلات الاقتصادية، وعلى رأسها الناتج المحلي الإجمالي.

تقرير دائرة الإحصاءات العامّة الأخير حول معدل التّضخّم في الأردن لعام 2025، والذي سجّل ارتفاعًا بنسبة 1.85 بالمئة خلال الأشهر التّسعة الأولى من العام، حظي بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية، إلّا أنّ هذا الاهتمام كان سطحيًا إلى حدّ كبير، فالعناوين تمحورت حول عبارة "ارتفاع التّضخم"، بينما غابت عن التّغطية المقارنة الضرورية مع تقرير النّاتج المحلي الإجمالي للربع الثّاني من العام نفسه، الذي أظهر نموًا اقتصاديًا قدره 2.8 بالمئة، وحظي أيضًا بتغطية إعلامية واسعة وسطحية، ولم يتم قراءة الأرقام معًا. [1] [2]

ولأن قراءة الرّقمين معًا، توضّح أن الاقتصاد الأردني يتحرّك في اتّجاه سليم ومتوازن نسبيًا، حيث ترتفع الأسعار ضمن نطاق معتدل، بالتّوازي مع توسّع حقيقي في قطاعات إنتاجية، مثل الزّراعة والصّناعات التّحويلية والخدمات، وهذا النمط يُعرف اقتصاديًا بـ التّضخم المصاحب للنّمو، وهو تضخّم "طبيعي" يعكس زيادة في الطّلب وتحرّك السّوق، لا تراجعًا في القوّة الشّرائية بسبب غلاء الأسعار.

أما ربط الأرقام ببعضها فهو ليس مجرّد تحسين في أسلوب التّغطية الإعلامية، بل هو شرط أساسي لفهم الاتّجاه الحقيقي للاقتصاد الأردني، ولتحويل الأرقام من بيانات جامدة إلى مؤشرات حيّة تقود الحوار العام، وتوجّه السّياسات، وتكون مفهومة للمواطن، وليست موجّهة للاقتصاديّين فقط.[3]

ويشير (أكيد) إلى أن الفصل بين التّقريرين، أفقد التّغطية الاقتصادية معناها، فالإعلام الذي يكتفي بعرض رقم التّضخم منفصلًا يُنتج نصف الحقيقة فقط، بينما الرّبط بين المؤشرين (التّضخّم والنّمو) يكشف الصّورة الاقتصادية الكاملة، ويمنح القارئ فهمًا واقعيًا لما يجري في السّوق.

فالصّحافة الاقتصادية ليست تكرارًا للبيانات، بل ترجمة للواقع بلغة مفهومة، والإعلام الذي يربط المؤشرات ببعضها يصنع وعيًا اقتصاديًا جماعيًا، بينما الإعلام الذي يجزئ الأرقام يترك الجمهور يقرأ نصف القصّة فقط.

ويؤكد (أكيد) على أن جوهر المهنية في الصّحافة الاقتصادية هو أن تتعامل مع الأرقام كقصّة مترابطة، لا كعناوين متفرقة، وأن تشرح للجمهور بلغة بسيطة الفرق بين التّضخّم الناتج عن نمو اقتصادي، والتّضخّم النّاتج عن اختلالات هيكلية، ويجب أن توازن الصّحافة الاقتصادية بين سرعة النّشر ودقّة التّحليل حتى لا تُثير القلق دون سبب.