عمّان 29 أيلول (أكيد- عُلا القارصلي- يُعدّ الزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعًا بين كبار السن، كما يُعدّ الزهايمر وأنواع الخرف الأخرى سابع سبب رئيس للوفاة على مستوى العالم، وهو مرض يتطوّر تدريجيًا، إذ يبدأ بفقدان الذاكرة القصيرة المدى، وينتهي بتأثير مباشر على تفاصيل الحياة اليومية، ما يفرض تحديات كبيرة على المريض وأسرته، تتعلق بفقدان الاستقلالية وتزايد الحاجة إلى الرعاية المستمرة.[1]
في عام 1994 اختارت منظمة الزهايمر الدولية (ADI) يوم 21 أيلول ليكون اليوم العالمي للزهايمر، بهدف توحيد الجهود العالمية لرفع الوعي، ومكافحة الوصمة الاجتماعية، وتعزيز البحث العلمي. وبما أنّ أهمية هذا اليوم تزداد مع تضاعف أعداد المصابين عالميًا بشكل مقلق، حيث تشير التقديرات إلى أنّ العدد قد يتجاوز 150 مليون شخص بحلول عام 2050، بتكاليف اقتصادية تصل إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًا لعلاج المرض والرعاية طويلة المدى. وفي ضوء ما سبق، تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية الإعلام المحلي لهذا المرض.[2]
أظهرت عملية الرصد أن التغطية المحلية لمرض الزهايمر موسمية تتزامن مع اليوم العالمي، حيث قامت وسائل إعلامية بنقل الفعاليات التي أقيمت بهذه المناسبة، كما تم إعداد مقابلات مع مختصين وأطباء لتوضيح أسباب المرض، وطرق الوقاية، وغابت التجارب الشخصية عن التغطيات. [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9]
أظهرت التغطيات أن مرض الزهايمر يرتبط بعدة عوامل متشابكة، من أبرزها العامل الوراثي، حيث يمكن لجينات معيّنة أن تزيد احتمالية الإصابة بالمرض، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة أن المرض سيظهر بشكل مؤكد. وتطرّق الأطباء إلى الدور الذي تلعبه البروتينات الضّارّة في الدّماغ، مثل بروتين أميلويد وتاو، إذ يؤدي تراكمها إلى تلف تدريجي في الخلايا العصبيّة وفقدان الدّماغ لوظائفه، وتمّ التأكيد أيضًا على أن الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسّكّري والسّمنة والاكتئاب غير المعالج، تسهم في رفع معدلات الإصابة. كما أنّ العزلة الاجتماعية تشكّل أحد العوامل التي تزيد من خطر التراجع العقلي، في حين يبقى التقدّم في العمر العامل الأكثر شيوعًا، وإن كان نمط الحياة الصحي قادرًا على تقليل تأثيره.
وطرح المختصّون مجموعة من النّصائح الوقائيّة، مثل اتّباع حمية البحر المتوسط الغنيّة بالخضراوات والفواكه والمكسّرات وزيت الزّيتون، وممارسة النشاط البدني بانتظام بما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا، إلى جانب تحفيز الدماغ بالتعلّم المستمر كاللّغات والموسيقى والأنشطة الذّهنيّة، كما شدّدوا على أهمية معالجة مشكلات السّمع والبصر لتفادي العزلة، والانخراط في محيط اجتماعي داعم، وأكدوا أن التّشخيص المبكر يبقى أداة فعّالة لتخفيف المعاناة وإطالة فترة استقلالية المريض.
ولأن الزّهايمر لا يقتصر أثره على الفرد المصاب، بل يمتد ليشكل عبئًا اقتصاديًا ونفسيًا على العائلة والمجتمع، يشير (أكيد) إلى أهمية التّغطية الإعلامية المستمرة على مدار العام لأن الاستمرار يسهم في بناء وعي مجتمعي حقيقي، ويُبقي قضية الزهايمر ضمن الأولويات الصّحّية والاجتماعية. هذا غدا عن أنّ إدماج قصص وتجارب حقيقية يسهم في كسر الوصمة، ويخلق تعاطفًا عمليًا يُترجم إلى دعم نفسي، اجتماعي، ومؤسسي.
وتبرز أهمية دمج القصص الإنسانية في التغطية الإعلامية حول الزهايمر في قدرتها على تحويل المعرفة العلمية إلى تجربة ملموسة تمس حياة الناس. ولعلّ المقابلة التي أجرتها إذاعة دولية ناطقة بالعربية مع الباحثة شاهيناز قنواتي مثال جيد لنقل التجارب الإنسانية، والضيفة هي مؤلفة كتاب بالفرتسية La Vie D’Avant Soi، حيث روت في المقابلة تجربتها الشخصية في رعاية والدتها المصابة بالزهايمر وتحدّثت عن التفاصيل اليومية، من لحظات الإنهاك إلى لحظات الحنان، وكتابها يشكّل نموذجًا مؤثرًا لكيفية نقل العلم عبر العاطفة، هذا النوع من السرد يمنح الجمهور أدوات نفسية وعملية للتعامل مع المرض، ويعزز من دور الإعلام في بناء وعي مجتمعي يتجاوز الأرقام إلى فهم أعمق للمعاناة الإنسانية.[10]
فضلًا عن ذلك، فإن نقل الإعلام للدّراسات العلمية الحديثة حول الزهايمر يسهم في تعزيز الوعي المجتمعي وتحفيز الوقاية المبكرة، فقد كشفت دراسة من كلية كينجز لندن عن ارتباط انخفاض الدهون غير المشبعة (الأوميجا 3) لدى النساء المصابات بالزهايمر بتدهور الأداء الإدراكي، ما يشير إلى عامل خطر خاص بالإناث. كما أظهرت أبحاث من معهد ماساتشوستس للتّكنولوجيا أن طفرات في جين ABCA7 تؤدي إلى خلل في استقلاب الدهون داخل الخلايا العصبية، ما يضاعف خطر الإصابة. وأكدت دراسة من جامعة هارفارد أن نقص الليثيوم في الدماغ يرتبط بتدهور الأعصاب وظهور علامات مبكرة للزهايمر، وتسليط الإعلام الضوء على هذه النتائج يسهم في دعم جهود البحث العلمي وتوجيه السياسات الصحية نحو الوقاية والعلاج المناسبين.[11] [12] [13]
ويؤكد (أكيد) على أن تطوير الخطاب الإعلامي ليشمل قصص المرضى وتجارب عائلاتهم، إلى جانب نشر التوعية العلمية من خلال نقل الدراسات الحديثة، يعزز الأثر ويحوّل الإعلام إلى شريك حقيقي في مواجهة هذا التحدي الصحي والاجتماعي المتصاعد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني