فيديو "محاولة انتحار في إربد" .. يثير الجدل ويؤكد الحاجة إلى تغطية إعلامية أكثر مسؤولية

فيديو "محاولة انتحار في إربد" .. يثير الجدل ويؤكد الحاجة إلى تغطية إعلامية أكثر مسؤولية

  • 2025-10-06
  • 12

عمّان 6 تشرين الأول (أكيد)- عُلا القارصلي- تداولت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تحت عنوان: "محاولة شاب الانتحار بعد مصادرة بسطته من قبل بلدية إربد"، يظهر فيه شاب يسكب على نفسه مادة من قارورة مياه، في ما يقترب منه عدد من الشبان في محاولة لمنعه من إيذاء نفسه.

إحدى وسائل الإعلام المحلية أعادت نشر الفيديو نقلًا عن صفحات التواصل الاجتماعي، مستخدمةً عنوانًا مثيرًا هو: "مواطن يحاول إنهاء حياته بعد إزالة بسطته في إربد"، وسرعان ما نقلت وسيلة إعلام أخرى الفيديو عنها، قبل أن تقوم الوسيلة الأولى بحذفه لاحقًا، بعد أن تبيّن أن المقطع قد يكون مصوّرًا بغرض جذب التّفاعل و"الترند".[1]

وبالنظر إلى عدم صدور أي تأكيد رسمي حول تفاصيل الحادثة، قام مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) بمراجعة محرّكات البحث للتّحقّق من مدى مصداقية الفيديو، وتبيّن أن مشاهد مشابهة لمحاولات انتحار في محافظة إربد تكرّرت خلال السنوات الماضية، حيث وثّقت وسائل إعلامية عدة حوادث سابقة لأشخاص حاولوا إنهاء حياتهم، مع تشابه في الأسباب والأساليب. [2] [3] [4] [5] [6]

هذه الحوادث تطرح إشكالية في طريقة تناول وسائل الإعلام لأخبار الانتحار، إذ إن تكرار نشر هذه الأخبار مرفقًا بالتفاصيل الدقيقة مثل: سبب الانتحار، الوسيلة المستخدمة، وغيرها من العناصر التي تستخدمها وسائل الإعلام من أجل جذب الجمهور وتحقيق المشاهدات قد تؤدي إلى ما يُعرف بظاهرة "الانتحار بالتقليد"، و"عدوى الانتحار".

فقد أكّد بحث علمي أن تغطية حوادث الانتحار بشكل متكرّر تؤثر على ظهور “عدوى الانتحار” بنسبة 59.5% من وجهة نظر المبحوثين[7]، ما يعزّز الحاجة إلى تحوّل وسائل الإعلام في تناول هذه القضايا من السرد الدرامي إلى المسؤولية الاجتماعية، ويشمل ذلك التركيز على ما يلي:

أولًا: التذكير بالإطار القانوني لمحاولات الانتحار، حيث نصّ القانون المعدّل لقانون العقوبات رقم (10) لسنة 2022 في المادة (25) على أن:

"كل من شرع في الانتحار في مكان عام بأن أتى أيًا من الأفعال التي تودي إلى الوفاة عادة، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتُضاعف العقوبة إذا تم ذلك باتّفاق جماعي."

ثانيًا: توعية الجمهور بخطورة الظاهرة، عبر تكثيف الحملات الإعلامية والإعلانات التوعوية في البرامج الأكثر مشاهدة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لرفع الوعي بكيفية التعامل مع الأفكار الانتحارية والأزمات النفسية.

ثالثًا: الاستعانة بذوي التجارب الإيجابية من الشباب الذين تجاوزوا أزمات نفسية وانتحارية في التوعية بخطورة الظاهرة ومساعدة من لديهم ميول مشابهة، خاصة أن فئة الشباب تُعدّ الأكثر تأثرًا بها.

رابعًا: الترويج لخدمات الدعم النفسي والعلاج عبر الإنترنت من خلال برامج توعوية وإعلانية موسّعة، لضمان وصولها لمن يحتاجها، وتشجيع الجمهور على طلب المساعدة دون خوف أو تردد.

خامسًا: وضع ضوابط مهنية وأخلاقية لتناول أخبار الانتحار، خصوصًا في المواقع الإلكترونية ومنصّات التواصل الاجتماعي، مع ضرورة حجب أي محتوى مخالف لهذه المعايير، وتدريب الصحفيّين والعاملين في المجال الإعلامي على كيفية تغطية مثل هذه القضايا بطريقة مسؤولة وآمنة نفسيًا.

ويشدد (أكيد) على أن التّحدي اليوم لا يكمن في سرعة نقل الحدث أو حجم التفاعل الذي يحقّقه، بل في قدرة الإعلام على التحوّل إلى وسيلة لحماية الأرواح وتعزيز الوعي المجتمعي، من خلال تغطية واعية ومسؤولة لا تكتفي بعرض المأساة، بل تسهم في منع تكرارها.