عمّان 24 تشرين الثّاني (أكيد)- شرين الصّغير- يُشكّل اليوم العالمي للطّفل والذي يصادف 20 تشرين الثاني من كل عام، محطة سنوية لتجديد الالتزام العالمي باتفاقية حقوق الطّفل، إلّا أنّه يمثل لمرصد (أكيد) اختبارًا حقيقيًا لمدى تحوّل الإعلام المحلي من التغطية الإخبارية الظرفية إلى وممارسة الصّحافة الحقوقية المُناصِرة،
لقد أظهر الرّصد الذي شمل عينة قصدية من وسائل الإعلام المحلية، تبايناً بين الجهد المبذول في نقل البيانات والمواقف الصادرة بهذه المناسبة، وبين القصور عن الغوص في القصص الإنسانية وإتاحة منبر دائم لصوت الطفل الأردني، ما يُحيل التّغطية إلى مجرد احتفال مناسباتي لا يرقى لمستوى المسؤولية المنوطة بوسائل الإعلام.
الطّفل منظومة حقوق لا مجرّد خبر
إن مسؤولية الإعلام تجاه الطفل في الأردن ليست أخلاقية فحسب، بل هي مسؤولية قانونية أيضًا تستند إلى التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية، فمثلًا يقف قانون حقوق الطفل رقم (17) لسنة 2022 في صدارة هذه المنطلقات، وتُعرّف المادة (2) من القانون الطفل على أنّه كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره، ويتطلّب هذا الإطار القانوني من الإعلام رصد مدى التقدّم في ترجمة توجّهات قانون حقوق الطّفل، ومناصرة الفئات التي تحتاج إلى حماية ورعاية، فالأطفال لا يجب أن يكونوا مجرد أرقام وأخبار عابرة.
تباين بين الأداء المكتوب والمرئي
كشف تحليل المواد الإخبارية عن وجود انقسام واضح في نوعية التغطية. فعلى صعيد نقاط القوّة (الإحصاءات والإجراءات)، نجح الإعلام المكتوب، وبخاصةً وكالة "بترا" في تزويد الرأي العام بأرقام محدّثة عن وضع الأطفال تناقلته وسائل عديدة (نحو 4.7 مليون طفل وتحسن مؤشرات الصحة والتعليم)، كما سُلط الضوء على جهود وزارة العمل في حملة مكافحة عمالة الأطفال، والتي كشفت عن تفتيش 6041 منشأة وتحرير مخالفات، ما وفّر بيانات تنفيذية.[1]
وسُلط الضوء على جهود وزارة العمل في إطلاق حملتها المركزية تحت شعار "طفل يتعلم... أردن يتقدم"، هذا الشعار يُرسخ المنظور الاستراتيجي لربط حق الطفل في التعليم بمستقبل الوطن.[2] وطغت على المواقع الإخبارية تقارير عن الفعاليات الرسمية كاحتفالية اليونيسف وإضاءة البترا وأنشطة وزارات الثقافة والتنمية الاجتماعية وغيرها، هذه التغطية اعتمدت بشكل كبير على نقل البيانات الصحفية للمؤسسات، مُهملة العمل على إعداد تحقيقات صحفية أصيلة.
غير أنّه برز استثناء إيجابي مثّله التلفزيون الأردني في برنامج يسعد صباحك (21 تشرين الثاني)، حيث أتاح منبرًا لخمسة أطفال في نقل احتفال وزارة الثقافة، هذا المنبر لم يكتفِ بإبراز الإبداع في الرسم والموسيقى، بل عكس أيضاً التنوع الثقافي والهوية الوطنية من خلال عرض الثّوب الكركي التقليدي والمشاركات العربية، مُحققًا بذلك أحد أبعاد الحق في التعبير والمشاركة.[3]
غياب الصوت .. والقصة الإنسانية
يرى مرصد (أكيد) من خلال الرصد بكتابة الكلمات المفتاحية على محرك البحث جوجل أن الإعلام المحلي قَصَّر في اليوم العالمي للطفل عن تبني الدور الحقوقي الفاعل، حيث سيطر صوت الكبار، وذلك بحضور صوت المسؤولين وممثلي المنظمات، بينما غاب صوت الطفل نفسه، ما يحوّله إلى موضوع يُتحدث عنه وليس شريكًا في الحوار حول مستقبله.
طريق الإعلام نحو الصحافة البناءة
إن التحول المنشود في التغطية الإعلامية لقضايا الطفل يتطلب استراتيجية طويلة الأمد، ويوصي مرصد (أكيد) وسائل الإعلام الأردنية بضرورة ما يلي:
- التركيز على الصحافة البناءة، وذلك بالانتقال من نقل البيانات إلى متابعة مدى تطبيق التشريعات الوطنية على أرض الواقع، والبحث عن القصص التي تحتاج إلى تدخل حماية ورعاية.
- التوسع في منصات المشاركة بتعميم تجربة التلفزيون الأردني في إتاحة منبر واسع للطفل المبدع والمُعبِّر على مدار العام، لا في المناسبات فقط.
- تدريب الصّحفيين العاملين على قضايا الأطفال الأكثر ضعفًا لضمان أعلى مستويات حماية الخصوصية، وتجنب إيذاء الطفل إعلاميًا.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني