من المدرجات إلى الفضاء الرقمي .. رصد خطاب الكراهية في التفاعل الرياضي

من المدرجات إلى الفضاء الرقمي .. رصد خطاب الكراهية في التفاعل الرياضي

  • 2025-12-22
  • 12

عمّان 22 كانون الأوّل (أكيد)- لقاء حمالس- شهدت منصّات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية المرتبط بالأحداث الرياضية، لا سيما مباريات بطولة كأس العرب بكرة القدم، حيث تحوّل التنافس الرياضي من إطارٍ طبيعي قائم على التشجيع والمتابعة المباشرة لمسار المباريات في أرض الملعب، إلى تبادل الإساءة والتحريض، على نحو يتجاوز حدود الملعب إلى الفضاء الرقمي والمجتمعي الأوسع.

تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني )أكيد( المنشورات والتعليقات التي اتّسمت بخطاب كراهية حاد، عقب مباريات كروية مثيرة للجدل، حيث عبّر عدد من المستخدمين عن مواقف متشنجة تجاوزت النقد الرياضي إلى الإساءة الجماعية والتعميم السلبي، في انتهاك واضح لقيم الاحترام الرياضي.

وأظهرت عملية الرّصد عدة أنماط متكررة من خطاب الكراهية، أبرزها:

  • التحريض اللفظي ضد جماهير بعينها، وربطها بصفات سلبية عامة.
  • الانتقاص من الكرامة الإنسانية من خلال أوصاف مهينة تتجاوز سياق الرياضة.
  • التشكيك الأخلاقي والجماعي بجماهير أو منتخبات، بدل التركيز على الأداء الفني.
  • تأجيج الانقسام بين الشعوب العربية عبر استغلال المنافسة الرياضية، وحتى تأجيج خطاب كراهية داخل البلد الواحد من مواقع تباين التقييم لأداء المنتخبات الوطنية.
  • وصف بعض الخطابات جماهيرًا بعينها بأنها "الأكثر إثارة للكراهية"، وهذا توصيف يعكس تعميمًا خطيرًا يسهم في ترسيخ الصور النمطية السلبية.

سابقًا  كان خطاب الكراهية بين الجماهير محصورًا إلى حدّ كبير داخل الملاعب، إلا أن التطور الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أسهما في الآتي:

  • توسيع دائرة الانتشار ليصل الخطاب إلى شرائح مجتمعية أوسع.
  • استدامة المحتوى المسيء عبر إعادة النشر والتفاعل.
  • تصعيد حدّة الخطاب نتيجة غياب الضبط الفوري والمساءلة المباشرة.

بهذا، لم يعد التأثير محصورًا في حدث رياضي عابر، بل امتد ليؤثر على العلاقات المجتمعية وحتى الخطاب العام بين الدول.

في مقابل هذا الخطاب، برزت رسائل رسمية وإعلامية تؤكد أن الرياضة تجمع ولا تفرّق، وأن الأندية والمنتخبات تتلقى دعمًا ماليًا ومؤسسيًا لتعزيز القيم الرياضية الإيجابية، إلا أن هذا الخطاب الإيجابي اصطدم بممارسات رقمية مخالفة، كشفت فجوة بين الرسائل المعلنة والسلوك الفعلي على المنصّات.

وكان من اللافت أيضًا أن خطاب الكراهية المرتبط بكرة القدم له مخاطر متعددة، من أهمها: التأثير السلبي على فئة الشباب التي تشكّل النسبة الأكبر من مستخدمي المنصّات، وتشويه صورة الرياضة بما هي مساحة للتلاقي والتنافس الشريف.

لذا برزت الحاجة إلى وضع ضوابط أخلاقية ورقمية واضحة، وتعزيز مسؤولية منصات التواصل الاجتماعي في ضبط المحتوى المخالف، وتفعيل سياسات الخصوصية ومنع خطاب الكراهية، بالإضافة إلى تكثيف التوعية الإعلامية بأثر هذا الخطاب وخطورته على الأفراد والمجتمع.

 

ومن هنا كان من الواضح بأن خطاب الكراهية المرتبط بكرة القدم لم يعد ظاهرة هامشية، بل بات تحديًا إعلاميًا ومجتمعيًا يتطلب معالجة شاملة، تشترك فيها المؤسسات الرياضية، والمنصات الرقمية، ووسائل الإعلام، إلى جانب الجمهور نفسه، بما يضمن بقاء الرياضة مساحة للتنافس الإيجابي والروح الرياضية  لا منصّة للكراهية والانقسام.،

كما أن التحليل العلمي والإعلامي يوضح أن خطاب الكراهية في سياق الرياضة على منصّات التواصل ليس مجرد مبالغة كلامية بين مشجعين، بل هو ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية ونفسية وسياسية، وهناك اهتمام متنامٍ من قبل المنظمات الرياضية لرصدها ومواجهتها من خلال حلول تقنية وسياسات تنظيمية.

فمنذ عام 2022، بذل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جهودًا للحد من خطاب الكراهية عبر رصد المحتوى المسيء وحماية اللاعبين والفرق على منصّات التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه الجهود تظل غير كافية دون تعاون حقيقي من إدارات منصّات التواصل الاجتماعي، من خلال تطوير آليات أكثر صرامة لمنع انتشار التعليقات السلبية والمؤذية.

 وهنا يبرز دور وسائل الإعلام أيضًا في تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر هذا الخطاب، وتوجيه النقاش العام نحو قيم الاحترام والتنافس الشريف، بما يحافظ على الرياضة بوصفها مساحة للتلاقي لا ساحة لإنتاج عوامل التفرقة والانقسام، وتبادل الإساءة بين الشعوب وفي إطار المجتمع الواحد