عمّان 6 تشرين الأول (أكيد)-سوسن أبو السُّندس- تكشف قصص العقر التي تتسبّب بها الكلاب الضالة عن أذى مباشر وقلق يومي يمس حياة المواطنين، إلا أن الاكتفاء بنقل تلك الحوادث دون تحويلها إلى ملف صحفي متكامل يشرح جذور المشكلة ويتابع تفاصيلها ويُسائل الجهات المسؤولة يُعدّ قصورًا في التغطية الإعلامية. بهذا تبقى الأبعاد الأخرى التي تتعلق بالتّشريعات الناظمة، والموارد المالية، وصولًا إلى قضايا التوعية والاعتبارات البيئية على هامش التغطية الإعلامية.
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية الإعلامية لملف الكلاب الضّالة، في الفترة ما بين الأول من أيّار وحتى الأول من تشرين الأول، من خلال تحليل عينة قصدية شملت تسعة مواقع إخبارية، وأظهر الرصد أن 65 بالمئة من عينة الرصد انطلقت من أحداث مرتبطة بحوادث العقر بصيغة أخبار عاجلة من دون تقديم تغطية معمّقة، واكتفت بإرفاقها بشهادات لذوي المصابين وارفاقها بصورٍ تُظهر الأذى الجسدي، ونُقلت بعض التّصريحات الرسمية عن الاستجابة السّريعة، مثل نقل الكلاب إلى مراكز التعقيم، إلّا أنّها وردت في إطار ردود الفعل بناء على حادثة ما وليس ضمن خطة شاملة أو مراجعة تقييميّة لسياسات التعامل مع الكلاب الضّالة.[1] [2]
ورغم أهمية البُعد الإنساني في متابعة حالات العقر، إلا أن التغطية الإعلامية ما زالت تفتقر إلى اعتماد نهج قابل للقياس يُدرج مؤشرات دقيقة حول ظاهرة الكلاب الضالة، مثل عدد الكلاب التي تمّ تعقيمها أو تطعيمها، الأمر الذي يصعب على الجمهور تقييم مدى فعالية البرامج المطبّقة، وقد أظهر الرصد أن 20 بالمئة من التغطيات ضمن العينة، تطرّقت إلى سياسات ترقيم وتعقيم الكلاب أو زرع الشرائح الرقمية لتتبّعها[3]، لكن دون تقديم مقارنات رقمية أو تحليل مدى التطور الحاصل في هذا الملف.
يُضاف إلى ذلك التحديات الهيكلية التي تعاني منها البلديات حيث حصلت على 09 بالمئة من عينة الرصد، وقد ناقشت المواد المرصودة التحديات التي تواجه البلديات، مثل تدريب الكوادر البلدية العاملة في هذا المجال بشكل علمي وعملي متخصّص، كما أشارت موادّ ضمن العينة إلى نقص التمويل، وإلى أنّ وزارة الإدارة المحلية أوضحت أنّ التكاليف الإنشائية لمركز واحد لمكافحة الكلاب الضالة لأربع بلديات يصل إلى 150 ألف دينار، إضافة إلى 25 ألف دينار شهريا كتكاليف تشغيلية، وأن البلديات لا تستطيع تحمل إنشاء مثل هذه المراكز بسبب ضعف موازناتها.[4]
أما البُعد القانوني، فقد حصل على 06 بالمئة من عينة الرصد، وقد ناقشت المواد الإعلامية العقوبات المرتبطة بالتسميم أو القتل العشوائي للكلاب الضّالة.
يشير (أكيد) إلى أن التركيز الإعلامي على حوادث العقر فقط يُنتج تأطيرًا ضيقًا للمشكلة، ويرسّخها في وعي الجمهور كخطر أمني وصحي مباشر، إلا أن الأصل أن لا تتوقف التغطية عند حالات العقر بل يجب أن تنتقل نحو المساءلة والتحليل والضغط باتجاه سياسات مستدامة بديلة عن الحلول الآنية مثل الإعدام أو التسميم، مع إبراز التجارب المحلية والدولية الناجحة، وتوسيع الاهتمام بقضايا التوعية والتثقيف المجتمعي.
ويذكر أنه تم توقيع اتفاقية ثلاثية بين وزارة الإدارة المحلية وأمانة عمان ونقابة الأطباء البيطريّين لتنظيم العمل في ملف الكلاب الضالة من خلال التنسيق في مسألة التعقيم والتطعيم، وإنشاء مراكز الإيواء[5]، ويكمن دور الإعلام في متابعة تنفيذ بنود هذه الاتفاقية ورصد نتائجها ميدانيًا، لضمان أن لا تبقى مجرّد إعلان رسمي بل خطوة فعلية تُقاس بوضوح أمام الجمهور.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني