أكيد- أفسدت وسائل إعلام محليّة المعنى الذي وُضع لتعريف الخبر العاجل، والهدف من استخدامه، كأحد أنواع الأخبار التي يتمّ من خلالها إعلام المتلقّين بحدثٍ ذي أهميّة بالغة، وأسرفت هذه الوسائل باستخدامه من خلال تقديم عدد كبير من المعلومات التي لا ينطبق عليها معنى كلمة "عاجل".
ورصد "أكيد" أكثر من 200 خبر حمل صفة "عاجل" خلال يومين فقط على 7 وسائل إعلام محلية، مرئية ومسموعة ومكتوبة، وتبين أنَّ 143 خبرًا لا ينطبق عليها معنى صفة "عاجل" الإخبارية، وِفق تعريفات مختصّين في مجال الإعلام والصَّحافة استطلع "أكيد" آراءهم في هذا التَّقرير.
وقال الأستاذ جواد العمري المستشار والمدرب الإعلامي ل"أكيد" إنَّ الخبر العاجل هو حدث مهم وقع للتَّو، أو حدث عليه تطور مهم، ويرجع تقدير الأهمية إلى عدة محددات أبرزها، البُعد أو القرب بالنسبة للجمهور، فمثلا قد يهتم الأردني بهزة أرضية في البحر الميت أكثر من زلزال في اليابان.
ويضيف: من محددات الخبر العاجل، حجم التأثير أو عدد المتأثرين بالحدث من الجمهور، فارتفاع سعر النفط أقل أهمية من ارتفاع سعر الخبز، لكنه أكثر أهمية من أسعار العطور، وحجم الحدث، فحادث سيّارة أقل أهمية من حافلة ركّاب، وغرق عبارة ركّاب أهم من كليهما.
ويرى أنَّ أهمية الخبر وتصنيفه ب "عاجل" تتحدّد بالعواقب والتداعيات اللاحقة للخبر، فسقوط طائرة عسكرية أمريكية نتيجة خلل فنيّ، أقلّ شأنًا من إسقاطها بصاروخ روسي أو إيراني، فالحالة الأولى لا تبعات لها، فيما الثانية قد تُشعل حربًا، وأهمية الشخص موضوع الخبر، فمثلا وفاة رئيس دولة أهم من وفاة مواطن عادي، وتختلف أهمية الرئيس حسب أهمية وتأثير الدولة.
وأكد العمري أنَّ هناك الكثير من التجاهل؛ لمدى أهمية الخبر العاجل، خلال التغطيات المباشرة للأخبار، وبخاصّة المؤتمرات الصحفية للمسؤولين، حيث يُصبح الخبر العاجل هو عبارة عن تلخيص لأقوال المسؤول بصرف النظر عن أهميّتها، وهنا تأتي نباهة المحرِّر وخبرته في اختيار هذه الأقوال وتقييمها، وما إذا كانت تستحق الإدراج على شريط الخبر العاجل، مشيراً إلى أنَّ الإفراط في استخدام الأخبار العاجلة يُقلّل من اهتمام الجمهور بها.
وأوضحت الأستاذة هالة الحديدي مديرة الأخبار في وكالة الأنباء الأردنية "بترا" ل "أكيد" أنَّ الخبر بصورته الطبيعية يجيب عن أسئلة الخبر الخمسة أو الستة، أمَّا الخبر العاجل فإنَّه لا يجيب بالضرورة عنها ويأتي دون توقّع، مشيرةً إلى أنَّ الخبر العاجل قد يكون كلمة أو كلمتين، ويهدف إلى إخبار الرأي العام بوقوع حدث مهمّ، وبخاصّة في وكالات الأنباء التي تعتمد عليها عدد من وسائل الإعلام في الأخبار.
وبيّنت أنَّ إسرافًا غير مُبرَّر للخبر العاجل ظهر خلال أزمة "كورونا"، على الرغم من أنّ المعلومات متوفّرة ولا تحتمل معنى "عاجل"، مُشيرةً إلى أنّ نقل مثل هذه المعلومات على أنَّها أخبار عاجلة أفقد عددًا من المؤسّسات المهنيّة المطلوبة في مثل هذه الحالة.
وأشار الأستاذ خالد القضاة عضو مجلس نقابة الصَّحافيّين الأردنيّين ل"أكيد" إلى أنَّ الحصول على الإعجاب، وزيادة عدد المتابعين، كان وراء نشر أخبار على أنَّها عاجلة، رُغم أنَّها لا تستحق إطلاقًا هذا المعنى على صنف إخباري يحمل أهميّة كبيرة وغير اعتيادية.
ولفت إلى انَّ رائحة تنافس غير طبيعية على نشر أخبار على أنَّها "عاجلة" بين بعض من وسائل الإعلام، وهذه الأخبار لا يجوز أن تكون منقولة عن الآخرين، وأنَّ صفة "عاجل" هي فقط للظهور على أحد التَّطبيقات الناقلة للأخبار على الهواتف الذكية للمتلقين دون مراعاة أهمية هذا الخبر وصفته للمتلقين.
وأكّد انَّ هذا الأسلوب باستخدام الأخبار العاجلة أفقدها قيمتها المرجوة للمتلقين، وهنا أصبح البحث عن عدد المشاهدات وزيارة الموقع أو الوسيلة الإعلامية على مواقع التّواصل الاجتماعي وأيضًا على الموقع الرَّسمي لها على حساب جودة هذا النَّوع من الأخبار وأهميّته.
ويلفت "أكيد" إلى ضرورة الالتزام بالمعايير المهنية والقانونية التي تحكم عمل وسائل الإعلام عند تقديمها أيَّ نوع من أنواع الأخبار والتي من بينها العاجلة، وأبرز هذه المعايير، الدِّقة والموضوعية والمهنية وتحقيق شروط وعناصر كلِّ فنّ صِحافي يتمُ العمل عليه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني