الاستعراض الدوري الشامل (UPR) يوضح التزام الأردن في مجال حقوق الإنسان وتغطية إعلامية متواضعة

الاستعراض الدوري الشامل (UPR) يوضح التزام الأردن في مجال حقوق الإنسان وتغطية إعلامية متواضعة

  • 2024-02-04
  • 12

عمّان 2 شباط (أكيد)- عُلا القارصلي- إن احترام حقوق الإنسان أمر راسخ في دساتير معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، هناك عملية خاصّة وهي الاستعراض الدّوري الشّامل لمجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة الذي يتحقّق مما إذا كانت الدولة تحترم حقوق الإنسان وتنفّذ التزاماتها بالفعل.

الاستعراض الدوري الشامل UPR ((Universal Periodic Review، هو آلية فريدة من نوعها تقام كلّ أربع سنوات ونصف السّنة، وتقدّم فيها كل دولة من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددها 193دولة تقريرًا عن تنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، كما يجيبون عن أسئلة الدول الأعضاء الأخرى، ويتلقون توصيات منها حول كيفية تحسين سجلّها في مجال حقوق الإنسان.

ومن خلال قبول التّوصيات، تتعهد الدّول الالتزام باتّخاذ خطوات ملموسة لتحسين وضع حقوق الإنسان لديها. ومن ثم يُقاس سجلّها مقابل هذه الالتزامات الطّوعية في المستقبل.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام المحلية لمشاركة الأردن في الاستعراض الدوري الشامل هذا العام، واستمر الرصد منذ مطلع ىشهر تمّوز العام 2023، وهو الشهر الذي قدّمت فيه مؤسسات المجتمع المدني إفاداتها الحقوقية لمجلس حقوق الإنسان. في حين قدّمت الحكومة الأردنية تقريرها الوطني في شهر أيلول. واستمرّ الرصد حتى 31 كانون الثاني أي بعد أسبوع من مناقشة التقرير في جنيف.

وفرّت عينة الرّصد 36 مادة إخبارية فقط، بمعدل 1.1 خبر أسبوعيًا، وهذا يوضّح ضعف اهتمام وسائل الإعلام بقضية الاستعراض الدّوري الشّامل، وجاءت 23 مادة إعلامية منها بنسبة 63.8 بالمئة موادّ إخبارية تنقل المناسبات الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل، مثل الجلسات التّشاورية والدّورات التّدريبية. وتطرّقت هذه الموادّ لعدد المرّات التي شارك فيها الأردن بالاستعراض الدّوري الشامل، وعرّفت الجهات التي تعمل على إعداد التقرير. وكانت هنالك أربع موادّ بنسبة 11.1 بالمئة عبارة عن تقارير تشرح الاستعراض الدّوري الشّامل وأهميته. كما كانت هنالك أربع موادّ بنسبة 11.1 بالمئة ذكرت عدد التوصيات التي قُدمت للأردن في الاستعراض الرابع لحقوق الإنسان. أما مقالات الرأي وعددها خمس موادّ بنسبة 13.9 بالمئة، فقد اهتمّت بالحديث عن صعوبة مطالبة الدول الغربية للأردن بتحسين الوضع الحقوقي فيها بعد عجز هيئات الأمم المتحدة وآلياتها عن تطبيق القانون الدّولي على سلطات الاحتلال الإسرائيلي في حربها الهمجيّة على قطاع غزّة.

رغم تنظيم دائرة حقوق الإنسان برئاسة الوزراء دورة لتدريب الصّحفيّين[1]من أجل تمكينهم من إحداث تغيير في مسار حقوق الإنسان، ومن تغطية التّوصيات الدّولية الصّادرة عن الاستعراض الدّوري الشّامل بدقة، والقدرة على تحليلها، كانت التّغطيات الصّحفية تفتقر إلى ما يلي:

أولًا: من المفترض بعد مناقشة التقرير في 25 كانون الثاني، أن تهتم وسائل الإعلام بنقل عدد التّوصيات التي قُدمت للأردن، وعدد التّوصيات التي قبِلها الجانب الأردني بدقة بالإضافة لتحليلها، لكنّ وسائل إعلامية اختلفت على عدد التّوصيات. فهناك وسيلة قالت إنها 290، فيما قالت أخرى إنها 277، ولم يُذكر عدد التّوصيات المقبولة، ليتبين في جلسة اعتماد التّقارير الخاصّة بالأردن التي أقيمت في 31 كانون الثاني أن عدد التّوصيات هو 279 توصية اما العدد المقبول منها فهو 196 توصية. [2][3][4]

ثانيًا: لم يُعثر على موادّ صحفية تقارن توصيات الاستعراض السّابق العام 2018 مع توصيات الاستعراض الأخير هذا العام، حيث قبل الأردن في الاستعراض السابق 149 توصية من أصل 226، وارتفع أرقام هذا العام إلى قبول 196 توصية من أصل 279، وهذه هي المرّة الأولى التي يقبل بها الأردن هذا العدد من التوصيات.

ثالثًا: لا توجد موادّ تتحدّث عن التّوصيات التي نُفّذت من ضمن التّوصيات 149 في المرّة الماضية، حيث أشارت دراسة إلى أنه لم تُنفّذ سوى ثلاث توصيات، أي ما نسبته 2 بالمئة، حتى نهاية العام 2020، وكانت 101 توصية أي بنسبة 67.7 بالمئة قيد التّنفيذ، و45 توصية بنسبة 30.2 بالمئة لم تنفّذ.[5]

رابعًا: لم تلتفت وسائل الإعلام للحديث عن تطوّر حالة حقوق الإنسان في الأردن منذ الاستعراض الدوري السابق العام 2018، رغم الإشادة الواسعة خلال المناقشة بالتّعديلات الدّستورية التي أجريت العام 2022، وحزمة منظومة التحديث السّياسي، ومنها قانونا الانتخاب والأحزاب.

خامسًا: رغم مقاطعة تحالف "إنسان" الذي يتشكّل من 20 منظمة مجتمع مدني أردنية، المناقشة الأممية لتقرير حقوق الإنسان الدّوري الرابع، بسبب الحقائق التي برزت بعد العدوان الإسرائيلي على غزّة، وأبرزها ازدواجية المعايير في تطبيق الآليات الدّولية لحقوق الإنسان، اقتصرت الموادّ التي تحدّثت عن الازدواجية في المعايير على كُتّاب المقالات، حيث توسّع الكتّاب بالحديث عن صعوبة قبول ضغط دول الغرب على الأردن لتحديث سجلّه الحقوقي، في الوقت الذي تنتهك فيه هذه الدول الحقوق بدعمها للكيان الصّهيوني في غزّة. [6][7]

سادسًا: لم تفرد وسائل الإعلام أي مساحة لشرح صحة التّوصيات، فالتّوصية لها معايير ويجب أن تكون محدّدة، وتجيب عن سؤال: هل الانتهاكات والحلّ محدّدان بوضوح في التوصية؟ ويجب أن تكون قابلة للقياس، ويمكن معرفة ما إذا نُفّذت، وإلى أي مدى نُفّذت جزئيًا أو كليًا، وهل حقّق التّنفيذ التّأثير المرجو؟[8]

سابعًا: لم تبذل وسائل الإعلام أي جهد لمقارنة التّوصيات المقدّمة للأردن مع التوصيات التي قُدّمت للدّول العربية، لأن هذه المقارنة توضح تقدم  أو تراجع الأردن في مجال حقوق الإنسان مقارنةً بدول المنظومة العربية.