عمّان 30 نيسان (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- رغم نفي العديد من المعلومات المضللة عبر قنوات التّحقّق والمراصد الإعلامية، إلا أن بعض الإشاعات تعود للظّهور بوتيرة متكرّرة مع كل سياق مشابه.
لاحظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) مؤخرًا عودة انتشار إشاعتين قديمتين عبر منصات التواصل الاجتماعي، تتعلق الاولى بخروج الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسـام "أبو عبيدة" من غزّة، في ما تتحدّث الثانية عن إعلان رسمي لـ مراقبة الاتّصالات في الأردن، وقد تمّ نفيهما بالأدلة في وقت سابق، إلا أن عودة تداول بعض الإشاعات والمعلومات غير الدّقيقة والمضلّلة يدفع للبحث عن أسباب "إعادة تدويرها" رغم تفنيدها سابقًا.[2] [1]
تبيّن لـ (أكيد) من خلال عملية الرصد أن هناك سمات مشتركة أسهمت في إعادة انتشار هاتين الإشاعتين تحديدًا، حيث استُثمرت حساسية المشهد الميداني في غزّة لإعادة انتشار خبر خروج أبو عبيدة من غزّة، بينما اعتمدت الثانية على تغذية المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمان الرّقْمي، لا سيما في ظل الحديث عن الجرائم الإلكترونية، الأمر الذي يشير إلى أن الإشاعات الأمنية تلامس مخاوف الجمهور وتنتشر بسرعة مضاعفة مقارنة بأنواع الإشاعات الأخرى، كل ذلك أسهم في زيادة سرعة تداولهما وقابلية تصديقهما بين جمهور المتلقين رغم نفيهما مسبقًا.
يشير (أكيد) إلى مفهوم الذّاكرة الرّقمية المجتمعية، أي أن الإشاعات والمعلومات المضلّلة لا تختفي تمامًا بل تبقى محفوظة في ذاكرة المستخدمين، وفي الفضاء الرّقمي أيضًا، ويعاد نشرها تلقائيًا عند كل حدث مشابه، ما يستدعي تطوير استراتيجيات إعلامية لمواجهة المعلومات المضلّلة بشكل أكثر فعالية.
يضاف إلى ذلك ما يُعرف بـالتحيّز المعرفي، وهو سلوك يميل إلى تصديق المعلومات التي تتماشى مع المشاعر أو القناعات المسبقة، ما يدفع بعضهم إلى تبنّي الرواية الأقرب لمخاوفه، وتجاهل النفي الرسمي أو التشكيك بصحتها، حتى لو كان مدعومًا بالأدلّة، الأمر الذي يُسهم في إعادة انتشار الإشاعات، ويؤدي تكرار تداولها إلى خلق وهم جماعي بأنها معلومة صحيحة، لمجرد انتشارها بين عدد كبير من الناس.
كما استندت الإشاعتان إلى وسائل إعلامية معروفة وضُمن الشعار الخاص في الوسائل على المنشور وذلك لإضفاء صُدقية زائفة على المعلومة، إذ استُخدم شعار قناة "الجزيرة" في الإشاعة الاولى، وشعار قناة "رؤيا" في إشاعة مراقبة الاتصالات، لمنح المنشورين صبغة "المصداقية"، حتى وإن كانت وهمية.
ولمعالجة ذلك، يبدو أنه لا ينبغي الاكتفاء بنفي الإشاعة، بل التّفكير ببناء استراتيجيات إعلامية، توظّف الأدوات النّفسية والمعرفية معًا، لمنافسة الإشاعة بجاذبية وحضور لا يقلّ عنها في نطاق محاربتها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني