عمّان 17 أيار (أكيد)- عُلا القارصلي- في مطلع ولايته الأولى قبل ثمانية أعوام، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السّعودية محطّة خارجية أولى. وفي ولايته الحالية، اختار الرئيس مجدّدًا دول الخليج كمحطّة خارجية أولى له أيضًا- باستثناء زيارة الفاتيكان للمشاركة في تشييع البابا فرنسيس.
زيارة ترامب لدول الخليج كانت محط أنظار وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية، منذ الإعلان عنها، خاصة مع القائمة الطويلة من الأزمات الإقليمية، بما في ذلك الحرب على قطاع غزّة، والتّوتر مع الحوثيّين في اليمن، والمرحلة الانتقالية في سوريا عقب الإطاحة ببشار الأسد.
بعد الإعلان عن الزّيارة، خصّصت قنوات تلفزيونية وإذاعات محلية تغطية مباشرة وتحليلات من داخل الاستديو، كما خصّصت الصّحف الورقية والمواقع الإلكترونية مساحات لتحليل خلفيات الزيارة وتداعياتها. وأكّد المحلّلون السّياسيون أن قرار ترامب اختيار دول الخليج محطة خارجية أولى يؤشر إلى تخطّي الحلفاء الغربيّين التقليديّين، بسبب الدور الجيوسياسي المتزايد الذي تحظى به دول الخليج في ضوء المكاسب الاقتصادية المنتظرة، فضلًا عن مشاركة قطر في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس، واستضافة السّعودية مباحثات متعدّدة الأطراف بشأن الحرب في أوكرانيا، وكذلك انخراط عُمان في الوساطة بين واشنطن وطهران، وبين واشنطن والحوثيّين.
إنّ من أبرز ما تناولته وسائل الإعلام المحلية، كان منع الصّحفيّين من مرافقة ترامب في رحلته، وهو أمر غير معتاد في الرّحلات الرّئاسية الأمريكية، حيث لم يكن هناك أي مراسلين من وكالات أنباء كبرى مثل أسوشيتدبرس، أو رويترز، أو بلومبرغ على متن طائرة ترامب، وهو ما أثار انتقادات داخل الولايات المتحدة، واعتُبر تضييقًا على حرية التغطية الإعلامية.
خلال الزّيارة التي شملت السّعودية وقطر والإمارات، واستمرت من 13 إلى 16 أيار، اهتمّت وسائل الإعلام المحلية في تغطيتها بالخطوة المفاجئة التي أعلن فيها ترامب عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، واعتبرت وسائل إعلامية رفع العقوبات تطورًا قد يعيد رسم خارطة العلاقات الإقليمية، خاصة في ظل الحديث عن صفقات اقتصادية محتملة بين دمشق وواشنطن، ودعت وسائل إعلامية إلى ضرورة تحرّك الأردن ليكون شريكًا في مرحلة إعادة البناء في سوريا.
خلال كلمة له من داخل قاعدة العديد الجوية في قطر، قال ترامب: "سأكون فخورًا لو الولايات المتحدة امتلكت غزّة، وأخذتها، وجعلتها منطقة حرية"، وأثار اقتراح ترامب جدلًا واسعًا في وسائل الإعلام المحلية، تضمّنت تحذيرات من أن هذه الخطة قد تؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.
وحظيت قائمة الصّفقات والاستثمارات المشتركة بين دول الخليج والولايات المتحدة باهتمام الإعلام المحلي، فقد بلغ إجمالي الاتّفاقيات أكثر من 2 ترليون دولار؛ السّعودية تعهّدت باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، تضمنت صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار، وصفها البيت الأبيض بأنها "الأكبر في التاريخ". كما تضمنت استثمارات ضخمة في مجال التّكنولوجيا بما في ذلك: توفير شركة Nvidia لما لا يقل عن 18,000 وحدة معالجة رسومات (GPU) لمشروع الذّكاء الاصطناعي السعودي Humain، استثمار شركة AMD بقيمة 10 مليارات دولار في مشاريع بنية تحتية مشتركة للذّكاء الاصطناعي، خطة من Amazon Web Services لإنشاء منطقة ذكاء اصطناعي في السّعودية بقيمة 5 مليارات دولار، توقيع شركة Supermicro صفقة بقيمة 20 مليار دولار مع شركة DataVolt لتطوير مراكز بيانات عبر السّعودية والولايات المتحدة.
ووقّعت قطر مع الولايات المتحدة اتّفاقية تُسهم في تعزيز التبادل الاقتصادي بينهما بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار، بالإضافة لصفقات اقتصادية تجاوز مجموعها 243.5 مليار دولار، أهمها صفقة تاريخية لبيع طائرات بوينغ ومحركات جنرال إلكتريك للطيران للخطوط الجوية القطرية، حيث تبلغ قيمة الصفقة 96 مليار دولار. ومن المتوقع ان تدعم الصفقة 154 ألف وظيفة أمريكية سنويًا خلال الإنتاج والتسليم.
أما الإمارات، فقد وقعت صفقات بقيمة 200 مليار دولار، تشمل استثمارات في: الطّيران، الطّاقة، الذّكاء الاصطناعي، الأمن السّيبراني، والتكنولوجيا الحيوية، أبرزها: شراء طائرات أمريكية، إنشاء مصهر ألمنيوم جديد، شراكات نفطية، مفاعلات نووية، وتأسيس مراكز بيانات. كما تم توقيع اتّفاقية لتعزيز التّعاون في الذّكاء الاصطناعي، تضمن مواءمة سياسات الأمن القومي وتوسيع التّقنيات الأمريكية.
لاحظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن الإعلام المحلي قرأ المشهد بطريقة صحيحة، وكانت توقعاته من الزيارة واقعية وقريبة من مخرجاتها الفعلية، لأن وسائل الإعلام اعتمدت في تغطيتها على محلّلين سياسيّين اعتمدوا في تحليلهم على معطيات السّياسة الأمريكية، وخبرة ترامب السابقة في التّعامل مع الشّرق الأوسط.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني