الاعتداء على شبكات المياه أحد أهم الأسباب في رفع نسبة الفاقد إلى 48 بالمئة: كيف تعامل الإعلام مع القضية؟

الاعتداء على شبكات المياه أحد أهم الأسباب في رفع نسبة الفاقد إلى 48 بالمئة: كيف تعامل الإعلام مع القضية؟

  • 2023-05-29
  • 12

وصفت بعض التقارير الإخبارية المنطقة العربية بأنها مثلث العطش، حيث تعيش نسبة تتجاوز 60 بالمئة من قاطنيها في مناطق تعاني من مستوى مرتفع من إجهاد المياه السطحية، وعدم كفاية المياه مقارنةً باحتياجات السكان، لا سيما مع النمو السكاني الهائل الذي يصاحبه إدارة غير فعّالة للموارد المائية.

وقد تمخّض عن ذلك إفراط في استخدام المياه النادرة فعلًا، سواء مياه الأنهار أو المياه الجوفية، وقد يصحب ذلك آثار اقتصادية واجتماعية هائلة تحد من قدرة هذه الدول على النمو، وتهدد استقرارها لا سيما في ظل ما يفرضه التغير المناخي من تبعات إضافية.

وبحسب الإحصاءات الواردة في بعض الدراسات الحديثة التي تناقلتها وسائل الإعلام، تصل معدلات الفقد والهدر للمياه في المنطقة إلى نسب تتراوح من 32- 60 بالمئة، وفي الأردن تحديدًا الذي يعد أفقر دول المنطقة في مصادره المائية، وصلت نسبة الفاقد بحسب تقرير حالة البلاد للعام 2020 إلى 48 بالمئة، ويُقسم الفاقد إلى قسمين: فاقد إداري ينجم عن الأخطاء في قراءة العدّادات والعدّادات المعطّلة التي يُقّدر عددها بالآلاف، والسرقات. وبحسب صفحة وزارة المياه، لا يمر يوم دون ضبط سرقات، وفاقد فيزيائي؛ والأخير يمثل الشبكات القديمة والمهترئة والكسور التي تصيب الشبكات نتيجة الضغوطات عليها. [1] [2]

وحتى الآن، لا يوجد دراسات توضّح من المسبّب الأكبر في رفع نسبة الفاقد؛ هل هو الفاقد الإداري أو الفاقد الفيزيائي، ولكن بالنظر إلى عدد حالات الاعتداء التي تم ضبطها خلال العام 2022 (أكثر من 10 آلاف اعتداء على خطوط المياه الرئيسة والناقلة، و2721 اعتداء على قناة الملك عبد الله)، يمكن أن تؤشر هذه الأعداد إلى التأثير الكبير  لسرقة المياه على نسبة الفاقد، فكيف غطى الإعلام هذه القضية المهمة؟

 

انطلاقًا من المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام في نقل هذه القضية، ودورها في ممارسة الصحافة البنّاءة لمحاربة السلوكات السلبية في التعامل مع الماء، ومنها جريمة الاعتداء على الثروة المائية التي تعتمد عليها حياة الملايين من الناس، تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام لقضية السرقات، للوقوف على حجم التغطية للاعتداءات وفضح البنى التحتية المعدة لسرقة المياه، والتعرّف على أنماط الاستقواء على أجهزة الأمن من قبل المعتدين على شبكات المياه، وعلى القوانين التي تعاقب المعتدين، وما إذا كانت رادعة، هذا بالإضافة إلى فحص مدى تسليط الضوء على ارتفاع نسبة الفاقد وأسبابه، ومدى ما تنظّمه وسائل الإعلام من حوارات لبلورة الحلول التي من شأنها خفض هذه النسبة ومحاربة أسبابها.

غطى الرصد لوسائل الإعلام ستة أشهر امتدت من الأول من تشرين الأول العام 2022 إلى الأول من نيسان العام 2023، وشمل 14وسيلة إعلام، توزعت بين محطتين تلفزيونيتين، وصحيفتين يوميّتين، وعشرة مواقع إلكترونية، وقد وفّر الرصد 154 مادّة من مختلف الوسائل، حيث ركّزت 86 مادّة بنسبة 55.8 بالمئة على نقل خبر ضبط الاعتداءات وتحديد مواقعها، وعرضت 30 مادّة بنسبة 19.4بالمئة أسباب الهدر والفقد ونسبة الفاقد، وأشارت 22 مادّة بنسبة 14.2بالمئة إلى وجود بنية تحتية معدة لسرقة المياه واستخدامها لعدّة أغراض منها البيع، ولم نجد سوى 16 مادّة بنسبة 10.4بالمئة تشير إلى استقواء المعتدين على قوات الأمن في حال تم ضبط الاعتداءات، ومنها مادّة واحدة أشارت إلى نظام رقم (64) لسنة 2022، وهو نظام مراقبة المياه الجوفية.

ويشير (أكيد) إلى عدم وجود أي مادة صحفية ضمن العينة المرصودة تشير إلى العقوبات التي تقع على المعتدين الذين يتم ضبطهم، ولم يتم ذكر أن هناك العديد من الأحكام القانونية الخاصة بالاستخدام غير المشروع للمياه التي تجرم القضايا المتعلقة بالاعتداء على شبكات المياه، ومنها المادّتان (2، 3) من قانون الجرائم الاقتصادية، والمواد (455، 456، 457، 458) من قانون العقوبات، والمادة (30) من قانون سلطة المياه. ولعل تفعيل هذه القوانيين وجعل العقوبات رادعة هو السبيل الوحيد لمحاربة الاعتداءات التي تتسع وتنتشر في جميع محافظات المملكة، ووصلت خسائرها لملايين الدنانير. [3][4][5]