مرض الرئيس في الإعلام.. خلط بين (الوظيفي) و(الشخصي)

مرض الرئيس في الإعلام.. خلط بين (الوظيفي) و(الشخصي)

  • 2018-04-18
  • 12

أكيد- أنور الزيادات

تصدرت صورة لرئيس الوزراء هاني الملقي وقد بدت عليه علامات التعب والمرض، المشهد في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في أول ظهور له بعد حوالي أسبوعين من الغياب عن وسائل الإعلام خلال جلسة عقدها مجلس النواب الثلاثاء 17 نيسان لمناقشة أموال "الضمان الاجتماعي".

وتحدث الملقي خلال الجلسة عن صحته وشكر كل من سأل عنه، وطمأن الجميع  أنه بخير ووصف حالته الصحية بالطيبة، وانتقد طريقة تداول مرضه من قبل الناس، قائلا "إن مرضه أصبح حلقة من حلقات باب الحارة مشيرا إلى أنه ذهب إلى الخارج واتخذ قرارا بعدم إجراء الجراحة له ومن ثم عاد للوطن.

وشكل ظهور الرئيس وحالته الصحية عنوانا رئيسا في وسائل الإعلام، فيما حظيت الصورة بمساحة واسعة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت في جنباتها دعوات بالشفاء للرئيس وفي كثير منها كانت هناك إشارة من المعلقين على عدم الخلط بين موقفهم من مرض الرئيس ومنطلقاته الإنسانية، وموقفهم السياسي حول الأداء الوظيفي للرئيس، الا ان البعض كانت تعليقاتهم على مرض الرئيس منبثقة من تقديرهم وتقيمهم لأداء الرئيس وقرارات الحكومة في المجالات المختلفة.

وقال الملقي في تصريحاته الأخيرة "خلصنا الموازنة ودخلنا على مرض الرئيس وكأنها حلقة من حلقات مسلسل باب الحارة والرئيس جاء بكل شفافية وتحدث عن مرضه وسأذهب للولايات المتحدة لان الجراحة غير موجودة الا في أمريكا ولكن عندما ذهبت قيل ان لا جراحة لمرضه قلنا نذهب للعلاج في الأردن لان الأردن الذي بناه الاردنيون له علينا حق والمستشفيات لم توجد للقادرين فقط بل لكل الأردنيين ولهم الحق في المعالجة ولله الحمد الأسبوع الماضي أعلن وزير الصحة اني شفيت من المرض.

وتناولت العديد من المواد صورة الرئيس بعناوين منها  صورة الرئيس تشعل مواقع التواصل ودعوات بالشفاء، شاهد كيف اصبح الملقي بعد مرضه " و صورة الملقي بعد المرض تثير جدلا وملفات يديرها قبل الرحيل، خطاب مطول من الملقي (المُتعب).

 وجاء في خبر تحت عنوان شكل الملقي يصدم الأردنين "صدمت صورة الرئيس التي أخفت خلفها عدم دقة واستعجال في تصريحات وزير  الصحة الدكتور محمود الشياب، حول صحة الرئيس الملقي، وأظهرت بنفس الوقت ان التصريحات تھدف الى اعادة الملقي إلى العمل سريعا ، من أجل قطع الكلام حول صحته، إضافة الى خلافة مبكرة للرجل ومن داخل طاقمه الوزاري المعدل حديثا".

كما نشرت وسائل الإعلام مقالات رأي حول مرض الرئيس ومنها مقال قاس  بعنوان  مرض الرئيس .. و«زعران» مواقع!! جاء فيه "ما يزعج حقاًّ ويجعلنا نخاف ونخشى على مجتمعنا ومستقبل أجيالنا أن «الإنحطاط» قد وصل بالبعض وهم قلة على أي حال أن «يتطاولوا» على قيم الأردنيين وعلى أخلاقهم وعاداتهم وأن يستهدفوا مواطناً أردنيا أولاً ومسؤولاً كبيراً ثانيا ومريضا ثالثا بطريقة لا أخلاقية ولا إنسانية وتدل، رغم قلة عدد هؤلاء، على أن مجتمعنا بات يعاني من سرطان أخلاقي وهذا يفرض علينا أن نقف تجاه هذا الإنحراف بكل جدية وكل جرأة وشجاعة ومسؤولية".

وفيما يلي نماذج إيجابية مما نشر على مواقع التواصل بعد ظهور الملقي:

  •  "نتمنى لدولة الرئيس الشفاء العاجل حيث يقضي اجازته في العقبة حاليا مع أسرته، وعلى الأرجح سوف يخضع لعلاج  كيماوي مكثف في المرحلة القادمة".
  • "الشماتة بالمريض معيبة ولاأخلاقية .. انتقد الأداء والأخطاء وأبق روحك الوحشية اللاإنسانية بعيدة عن أمراض الناس .. من المعيب أن تُلبس مرض الملقي ثوبا دينيا وتقدم حالته للناس على أساس أنها عقاب من الله".

وهذه مجموعة من التعليقات السلبية :

  •  "الله يشفيه ويعافيه والمرض فش فيه شماتة! بس أعتقد هذا جزاء الحرمان الي فرضه ع مرضى السرطان من العلاج".
  • "شو بالنسبه لمرضى السرطان رجعلهم الاعفاءات الطبيه وللي مأمنين من الحكومة بقدرو يتعالجو فيه!!؟ لانه العالم ما معها تتعالج بره"،"اصابتهٌ دعوه الموطن الاردني الله يشفيه يا رب"، "في فرق بين تمني الشفاء والمسامحة .. لله يشفيه بس حقي مش مسامحة فيه".
  • "اكون كذابه اذا قلت اتمنى له الشفاء لانه هو ما تمنى الشفاء لمرضى السرطان ١٣٩٨ لما اخرجهم من مركز الحسين للسرطان بس بحب اقول له اما ان لك ان تنزل عن كرسيك لترتاح وتريح".

وفي حديث لـ "أكيد" أوضح المختص في تشريعات الإعلام يحيى شقير أن الخصوصية يجب ان تحترم لحياة وصحة رئيس وزراء الأردن أو غيره من المسؤولين، مادامت هذه الصحة لا تؤثر على ادائهم لأعمالهم كمسؤولين، فمثلا ليس من حق الصحافة ان تكتب على سبيل المثال " عن خمسة وزراء في الحكومة لديهم سكري، فمرض السكري غير معدي ولا يؤثر في الغالب على أداء الوزراء لوظائفهم".

ويضيف "لكن اذا كان المرض يؤثر على قدرات المسؤول في أداء عمله، فمن حق المواطنين معرفة نوع المرض، ومدى تأثيره على عمله  والقرارات التي يتخذها ، والتي تمس مصير وحقوق الشعب الاردني"، وقال "ماذا اذا كان هناك مسؤول على سبيل المثال مصاب بمرض" باركنسون" فمن حق الشعب معرفة درجة المرض كون المرض قد يؤدي الى اتخاذ قرارات غير حكيمة، وهذا ينطبق على كل وسائل الاعلام في حال النشر".

ويتابع "إن رئيس الوزراء له خصوصيات في الحفاظ على صحته، والمعلومات حول صحته، بشرط أن لا تؤثر على أداء عمله كرئيس للوزراء، فاذا كان هناك احتمال بأن يؤثر المرض على قراراته "كالعصبية مثلا ..فهنا من حق الجمهور معرفة المرض، واذا كان تلقي العلاج وعلى سبيل المثال العلاج الكيماوي، يؤثر على قراراته فمن حق الجمهور معرفة العلاج وتأثيره على قراراته، اما اذا كان هناك صداع فليس من حقنا معرفة ذلك فهو يصيب الجميع".

وحول وجود تشفي وتعليقات قاسية بحق الرئيس يقول شقير  "إن أخلاقيات الصحافة والمجتمع الأردني عبر التاريخ لم تسجل حالات تشفي وهو أمر بعيد عن ثقافة المجتمع، فالأردنيون لا يشمتون بخصومهم، وهو ارث  نتمنى الحفاظ عليه في مجتمعنا المختلف عن الكثير من المجتمعات الأخرى في مثل هذه القضايا".

ويوضح "المواقع الاخبارية ووسائل الاعلام يجب عليها الالتزام بميثاق الشرف الصحفي، وتلتزم بالمواد (4،5،7) من قانون المطبوعات والنشر، اما مواقع التواصل الاجتماعي فلا ينطبق عليها قانون المطبوعات والنشر اذا اساءت، ويطبق عليها قانون الجرائم الالكترونية".

وفي تصريحات سابقة قال مدير معهد الصحافة النرويجي فرودة ريكفه  ل"أكيد"، أن "مكتب رئيس الوزراء وهو شخصيا ملزمان بمخاطبة الشعب بشكل مباشر وتقديم مثل هذه المعلومات"، مضيفا  "إذا كانت المعلومات مهمة للإمة، يجب على الحكومة أن تكون صريحة وواضحة بشأنها، بينما معلومات مثل ماذا يتناول على العشاء، وماذا يفعل اثناء قضاء إجازته الخاصة، لا تهم الجمهور وله الحق في حياته الخاصة، بينما كل ما يخص الشعب وعمله تجاههم، لا بد من أن يعرفه المواطنون مثل سفره ومدى خطورة حالته الصحية".

وتنص المادة (4) من قانون المطبوعات والنشر على "تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي اطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها".

وتنص المادة (5) "على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيدة والموضوعية في عرض المادة الصحفية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الانسان وقيم الامة العربية والاسلامية".