عمّان 26 تمّوز (أكيد)- شرين الصّغير- نشرت وسائل إعلام محلية نقلًا عن وزير الاستثمار مثنّى غرايبة، أن الاستثمار في الأردن يتيح الوصول إلى اقتصادات يصل حجمها إلى 50 تريليون دولار، من خلال عدة اتفاقيات تجارة حرة وثنائية مع دول العالم في مختلف القارات، وذلك خلال رعايته المنتدى الاقتصادي الذي عُقد في سنغافورة بتاريخ 10 تمّوز.^{[1]  [2]}

أثار هذا التصريح التهكّم في أوساط المتلقين بالنظر لارتفاع حجم هذا الرقم وعدم اقترانه بتوضيحات مفيدة تفسّره. كما أنّه قاد إلى طرح تعليقات ساخرة، وتساؤلات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعني أن الخبر لم يكن مفهومًا لدى الكثير من المتلقين، بخاصّة أنه يتحدّث عن استثمارات فلكية.

تابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) وسائل الإعلام المرصودة، ليجد أنها اكتفت بنقل الخبر على لسان الوزير، دون أن تبذل أي جهد لتوضيحه سواء بالعودة إلى الوزير أو لخبراء اقتصاديّين أو لأخبار سابقة تتناول الموضوع نفسه.

فالإعلام لم يستفسر من الوزير من أين جاء بهذا الرقم، وما الأدوات الاقتصادية والمالية التي استند إليها في تقديره له، وما الفترة الزمنية التي يغطيها؛ هل هي بالسنوات أن بعشرات أم مئات السنوات؟

لقد أوضح الخبر أن تصريح الوزير جاء خلال رعايته لمنتدى اقتصادي عُقد في سنغافورة، لكنّه لم يشرح في أي سياق جاء انعقاده، وللوهلة الأولى يتولّد اعتقاد أن الأمر يتعلق بمؤتمر دولي دُعي الأردن للمشاركة فيه، لكنّ  ما تضمنه الخبر من حديث عن دور البنك العربي والسفارة الأردنية في سنعافورة، يوحي بأن تنظيم  المنتدى جاء للترويج استثماريًا للأردن.

ولدى إجراء مزيد من البحث عن نشاط وزير الاستثمار في الفترة الماضية، توصّل (أكيد) إلى أنه قد شارك في أيّار الماضي وبرفقته وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان في جلسة رفيعة المستوى عُقدت في لندن بعنوان "الأردن: بوابة للاستثمار في تجارة عالمية بقيمة 50 تريليون دولار"،  ضمن الاجتماع السنوي الـ 34  للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بمشاركة ممثّلين عن شركات عالمية كبرى. ^[3]

بهذا يكون (أكيد) قد وجد من أين استلهم الوزير غرايبة عنوان تصريحه الخاص بمنتدى سنغافورة والخمسين تريليون دولار، لكن تغطيات الإعلام المحلي لاجتماع لندن لم تسلّط الضوء على مصدر التقديرات الخاصة بهذا الرقم.

غير أن وسيلة إعلام محلية^[4] اجتهدت قبل اجتماع لندن بعدة أيام بطرح استفسارات على الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الوزراء الأسبق د. جواد العناني بشأن عنوان جلسة البنك الأوروبي في لندن حول الاستثمار في الأردن،  في تقرير بعنوان "كيف سيصبح الأردن البوابة التجارية لاستثمارات تتجاوز 50 تريليون دولار؟".

وبيّن العناني في ردّه على الاستفسارات أن الأردن يمتلك المقومات ليكون مركز لوجستيًا وممرًا حيويًا  في تجارة عالمية تتجاوز قيمتها 50 تريليون دولار، بفضل موقعه الاستراتيجي وارتباطه بالمشاريع الدولية الكبرى مثل مبادرة "الحزام والطريق" الصينية والممر التجاري الهندي،

كما أوضح العناني أن هذا الحجم من الاستثمار -50 تريليون دولار- لا تعني أن هذه القيمة تمثل استثمارات مباشرة في الأردن، بل تشير إلى دوره كممر ومحطة رئيسة ضمن سلاسل التوريد الدولية. وتؤكد هذه التوضيحات كم أن العودة للخبراء مهم لفهم مضامين الكثير من الأخبار التي تفتقد للتوضيحات اللازمة.