"فيديو أبو عبيدة" المفبرك .. إنذار بمخاطر التزييف العميق

"فيديو أبو عبيدة" المفبرك .. إنذار بمخاطر التزييف العميق

  • 2025-09-08
  • 12

عمّان 7 أيلول (أكيد)-شرين الصّغير- في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بات التمييز بين الحقيقة والتزييف تحديًا متزايدًا. فقد انتشر مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو مزيّف مُعدّ باعتباره للناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة، وهو ينفي خبر استشهاده. هذا الفيديو الذي حصد آلاف المشاهدات في وقت قصير، يعد مثالًا صارخًا على كيفية استخدام التّزييف العميق (Deepfake) لصناعة ونشر معلومات زائفة أو مضلّلة، ما يتطلب من الجمهور يقظة وحذرًا شديدين إزاء ما يشاهدونه على وسائل التواصل الاجتماعي.

نُشر الفيديو المشار إليه[1] بعد مرور بعض الوقت على إعلان إسرائيل اغتيال أبو عبيدة في غارة على مدينة غزّة بتاريخ 30 آب الفائت[2 ، بينما لم تؤكّد حركة حماس الخبر ولم تنْفِه. وعند تحليل الفيديو، تبيّن أنّه مفبرك، بالاستناد إلى أدلّة أبرزها الآتي:

أولًا: الأخطاء اللغوية وأخطاء اللفظ والإلقاء المتعدّدة التي وردت في كلامه، في حين أن أبا عبيدة معروف بفصاحته وطريقته المتميزة بالإلقاء، وهذا يتناقض تمامًا مع الركاكة الواضحة في الفيديو.

ثانيًا: العيوب البصرية التي ظهرت في حركة العينين، حيث كانت عينه اليسرى ترفّ بشكل غير طبيعي، دون أن تغمض مع العين اليمنى، وهو عيب شائع في الفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي.

مخاطر التّضليل عبر الذكاء الاصطناعي

لا يقتصر خطر مثل هذه الفيديوهات على نشر الأكاذيب فحسب، بل يمتد إلى تقويض الثّقة في المؤسسات الإعلامية والشخصيات العامة، حتى أنّه يمكن استخدام التزييف العميق في الحملات السياسية لتشويه سمعة الخصوم، أو لإثارة الفوضى والبلبلة في أوقات الأزمات، إنها أداة قوية في يد من يريدون التلاعب بالرأي العام وتوجيهه نحو أجندات معينة. لقد أصبحنا في عصر يتعين فيه على الجميع تعزيز حاسّة الشك إزاء ما يرونه من صور وفيديوهات، والتحقّق من مصادر المعلومات قبل تصديقها.

وفي هذا الإطار، يُظهر فيديو أبي عبيدة المفبرك أنّنا أمام مرحلة جديدة من التحديات الإعلامية، إذ لم يعد يقتصر التّضليل على الأخبار الكاذبة المكتوبة، بل يمتد ليشمل محتوى مرئيًا مُتقن الصّنع، قادرًا على خداع العين وتضليل العقل. إن مواجهة هذا النوع من التزييف تتطلب يقظة فردية وجماعية، وتطويرًا مستمرًا لأدوات التحقّق من المحتوى، فالحقيقة لم تعد مجرد خبر يتم نقله، بل أصبحت شيئًا يجب البحث عنه والتحقّق منه بكل عناية.