عمّان 30 آب (أكيد)- سوسن أبو السّندس- أظهر رصد سابق لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) قبل أقل من عام أن التغطية الإعلامية لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، والتي تروّج لفكرة "إسرائيل الكبرى" المستندة إلى مفاهيم عقائدية وتوسعية، انحصرت إلى حد كبير في نقل ردود الفعل الرسمية، واليوم يتكرّر المشهد لكن في سياق أخطر، إذ لم تعد التصريحات صادرة عن وزير متطرف، بل عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصف مشروع "إسرائيل الكبرى" بأنه "مهمة تاريخية وروحية".[1] [2]
تضع هذه التصريحات الأردنَّ في قلب دائرة الاستهداف الإسرائيلي، ما يستدعي أداءً إعلاميًا مختلفًا وأكثر عمقًا. الرد الأردني جاء سريعًا عبر بيان وزارة الخارجية، والذي اعتبر أن تصريحات نتنياهو تشكّل استفزازًا خطيرًا، وتلا ذلك موقف عربي وإسلامي موحّد من عمّان وقّعت عليه أكثر من 30 دولة رافضة ومندّدة،.[3] [4]
أجرى (أكيد) رصدًا مستخدمًا عيّنة قصدية من وسائل الإعلام في الفترة ما بين 13إلى 24 آب، فتبيّن أن غالبية المواد المرصودة ما زالت تدور حول نقل البيانات الرسمية، وذهبت وسائل أخرى عبر البرامج الحوارية إلى مناقشة احتمالات المواجهة العسكرية مع التركيز على البعد الديني والتاريخي، في حين برزت مقالات الرأي، والتي غلب عليها الطابع الانفعالي والخطاب التعبوي.
في المقابل، ظهرت تغطيات خارجية اتّسمت بالعمق، حيث نقلت وحللت الخرائط التي يستند إليها الخطاب الإسرائيلي، ووضعت المسألة في سياقها القانوني الدولي، وتحديدًا قرارات مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، والذي ينصّ على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلها في الرابع من حزيران، إضافة إلى القرار رقم 2334 لعام 2016، والذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
كشفت عيّنة الرصد أن الأداء الإعلامي حول تصريحات نتياهو يعتمد على نقل التصريحات الرسمية من دون بناء قصص تفسيرية تعمّق الفهم العام. كما غاب التحليل القانوني عن معظم التغطيات المرصودة، ولم تُستَحضر أصوات الخبراء في القانون الدولي أو الأمن القومي إلا بشكل محدود رغم أن القضية تمس جوهر القانون الدولي، في ما واصلت بعض الوسائل خلط الخبر بالرأي، فظهرت مقالات وتصريحات سياسية في صيغة أخبار عاجلة.
التصريحات الأخيرة لنتنياهو تُمثّل تهديدًا مباشرًا لا يمكن التعامل معها بالنمط التقليدي ذاته من التغطية، والإعلام مطالب بالانتقال من النقل ورد الفعل إلى صناعة وعي جمعي يحصّن المجتمع، ويُعزز الموقف الرسمي بالأدوات المعرفية والتحليلية، إضافة إلى الدفع بتشكيل شبكة دعم إقليمية، دبلوماسية إعلامية، لمواجهة هذا النمط من التصريحات، والذي يشكل تهديدًا للأردن ودول عربية عديدة.
وفي هذا السياق، فإن الإعلام الأردني بخبرته العريقة في الدفاع عن الوطن، مدعو لتطوير أدواته في هذا الاتجاه، بمختلف الوسائل والمجالات المتاحة له، بما يعكس تعدديةً وعمقًا في خطاب التصدي للاستهدافات العدوانية الإسرائيلية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني